وقوله:] وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} [سورة آل عمران: ٢١] روى أبو عبيدة بن الجراح: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: «قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة واثنا عشر من عباد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا من آخر النهار، فهم الذين ذكرهم الله في كتابه وأنزل الآية فيهم».
وأخبر ببطلان عملهم فقال: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ﴾ [آل عمران: ٢٢] يريد بأعمالهم: ما هم عليه من ادعائهم التمسك بالتوراة وإقامة شريعة موسى، وأراد ببطلانها في الدنيا: أنها لم تحقن دماءهم وأموالهم، وفي الآخرة: لم يستحقوا بها مثوبة، فصارت كأنها لم تكن.
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ {٢٣﴾ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿٢٤﴾ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ﴿٢٥﴾ } [آل عمران: ٢٣-٢٥] قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾ [آل عمران: ٢٣] يعني علماء اليهود من قريظة والنضير، أعطوا حظا من التوراة لأنهم كانوا يعلمون بعضها، ﴿يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٢٣] قال ابن عباس في رواية الضحاك: المراد ب ﴿كِتَابِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٢٣] ههنا: القرآن.
وهو قول قتادة، قال: دعوا إلى القرآن بعد أن ثبت أنه كتاب الله، حيث لم يقدر بشر أن يعارضه.
وقوله: ليحكم بينهم جعل الله تعالى القرآن حكما بين اليهود وبين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحكم القرآن عليهم بالضلالة فأعرضوا عنه، وهو قوله: ﴿ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾ [آل عمران: ٢٣] يعني مَنْ أعرض عن حكم القرآن فلم يؤمن به من رؤساء اليهود.
وقوله: ﴿وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [آل عمران: ٢٣] قال ابن الأنباري: يجوز أن يكون المعرضون الباقين من اليهود، ويجوز أن يكون