وفي زكريا قرءاتان: القصر والمد، وهما لغتان، كقولهم: الهيجاء والهيجا.
وقرأ حمزة وكفلها مشددة، وزكريا على هذه القراءة منصوب لأنه المفعول الثاني للتكفيل، ومعناه: ضمنها الله زكريا فضمنها إليه.
وقوله: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ﴾ [آل عمران: ٣٧] لما ضم زكريا مريم إلى نفسه بنى لها محرابا في المسجد لا يرقى إليه إلا بسلم ولا يصعد إليها غيره.
قال الأصمعي: ﴿الْمِحْرَابَ﴾ [آل عمران: ٣٧] : الغرفة.
قال عمر بن أبي ربيعة:
ربة محراب إذ جئتها... لم أدن حتى أرتقي سلما
أي: ربة بيت.
قال ابن عباس: صارت عنده لها غرفة تصعد إليها تصلي فيها الليل والنهار.
وقوله: ﴿وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا﴾ [آل عمران: ٣٧] كان زكريا كلما دخل عليها غرفتها وجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء، تأتيها بها الملائكة من الجنة.
﴿قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا﴾ [آل عمران: ٣٧] من أين لك هذا؟ ﴿قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [آل عمران: ٣٧] فقال زكريا: إن الذي رزقك العنب في غير حينه قادر على أن يرزقني من العقيم الولدَ.
فدعا زكريا أن يهب الله له ولدا، فذلك قوله: {