الكبر، ﴿اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾ [آل عمران: ٤٠] فسبحان من لا يعجزه شيء.
فسأل الله علامة يعرف بها وقت حمل امرأته ليزيد في العبادة شكرا على هبة الولد، وهو قوله: ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً﴾ [آل عمران: ٤١] قال المفسرون: إن زكريا لما بشر بالولد سأل الله علامة يعرف بها وقت حمل امرأته ليزيد في العبادة شكرا لله على هبة الولد ف قال الله تعالى: ﴿آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا﴾ [آل عمران: ٤١] أي: علامة ذلك أن يمسك لسانك عن الكلام وأنت صحيح سوي، كما قال: ﴿آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾ [مريم: ١٠].
قال الحسن وقتادة: أمسك لسانه ثلاثة أيام، فلم يقدر أن يكلم الناس إلا إيماء، وجعل ذلك علامة حمل امرأته.
والرمز: الإيماء بالشفتين والحاجبين والعينين، يقال: رمز يرمز ويرمز.
وإنما حبس لسانه عن التكلم بأمور الدنيا وما يدور بين الناس، ولم يحبس لسانه عن التسبيح وذكر الله، وهو قوله: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ﴾ [آل عمران: ٤١].
والعشي: جمع عشية، وهي آخر النهار، والإبكار مصدر أبكر، إذا صار في وقت البكرة، ثم يسمى ما بين طلوع الفجر إلى الضحى: إبكارا، كما يسمى: إصباحا.
﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ {٤٢﴾ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴿٤٣﴾ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿٤٤﴾ } [آل عمران: ٤٢-٤٤] وقوله: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ﴾ [آل عمران: ٤٢] قال ابن عباس: من ملامسة الرجال.
وقيل: من الحيض والنفاس.