﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ {٥٩﴾ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿٦٠﴾ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴿٦١﴾ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٦٢﴾ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ ﴿٦٣﴾ } [آل عمران: ٥٩-٦٣] قوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٥٩] الآية:
١٤٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: جَاءَ رَاهِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الإِسْلامَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إِنَّا قَدْ أَسْلَمْنَا قَبْلَكَ، فَقَالَ: كَذَبْتُمَا، إِنَّهُ يَمْنَعُكُمْ مِنَ الإِسْلامِ ثَلاثَةٌ: عِبَادَتُكُمُ الصَّلِيبِ، وَأَكْلُكُمُ الْخِنْزِيرِ، وَقَوْلُكُمْ: للَّهِ وَلَدٌ، قَالا: مَنْ أَبُو عِيسَى؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٥٩] الآيَةَ.
وَالْمَعْنَى: أَنَّ قِيَاسَ خَلْقِ عِيسَى مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ كَقِيَاسِ خَلْقِ آدَمَ.
وَمَعْنَى ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٥٩] : أَيْ: فِي الْخَلْقِ وَالإِنْشَاءِ
ثم ذكر خلق آدم فقال: ﴿خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ﴾ [آل عمران: ٥٩] يعني: قالبا من تراب لا روح فيه، ﴿ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ﴾ [آل عمران: ٥٩] بشرا، ﴿فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: ٥٩] بمعنى: فكان، وهذا مما أريد بمثال المستقبل فيه الماضي، كقوله: ﴿تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾ [البقرة: ١٠٢].
وقوله: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ [آل عمران: ٦٠] قال الفراء والزجاج: الحق: مرفوع بخبر ابتداء محذوف، على تقدير: الذي أنبأتك به من قصة عيسى الحق، فحذف لتقدم ذكره.
وقال أبو عبيدة: هو ابتداء وخبره من ربك كما تقول: الحق من ربك والباطل من الشيطان.
وقوله: ﴿فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ [آل عمران: ٦٠] الخطاب للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمراد به: نهي غيره عن الشك، كما قال: ﴿يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [الطلاق: ١]،


الصفحة التالية
Icon