وقال المؤرج: هو من التورية وهو التعريض بالشيء، وكان أكثر التوراة معاريض وتلويحا من غير إيضاح وتصريح.
وأما الإنجيل فقال الزجاج: هو إفعيل من النجل وهو الأصل.
وقال ابن الأنباري: إنجيل: أصل للقوم الذين نزل عليهم، لأنهم يعملون بما فيه.
وقال قوم: الإنجيل مأخوذ من قول العرب: نجلت الشيء، إذا استخرجته وأظهرته.
يقال للماء الذي يخرج من النز: نجل واستنجل الوادي، إذا أخرج الماء.
فسمي كتاب عيسى إنجيلا لأن الله تعالى أظهره للناس بعد طموس الحق ودروسه.
وقال جماعة: التوراة والإنجيل والزبور: أسماء عربت من السريانية والعبرية، وليس يطرد فيها قياس الأسماء العربية، ألا تراهم يقولون لها بالسريانية: توري إنكليون زفوتا؟ وقوله: أفلا تعقلون أي: فساد هذه الدعوى، إذ العقل يزجر عن الإقامة على دعوى بغير حجة.
قوله: هأنتم ها: حرف للتنبيه، كأنه قيل: انتبهوا عن غفلتكم.
هؤلاء أي: يا هؤلاء، جادلتم وخاصمتم، ﴿فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾ [آل عمران: ٦٦] وهو ما وجدوه في كتابهم وأنزل عليهم بيانه وقصته، ﴿فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾ [آل عمران: ٦٦] أي: لم تجادلون في شأن إبراهيم، وليس في كتابكم أنه كان يهوديا أو نصرانيا؟ والله يعلم شأن إبراهيم، ﴿وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ٦٦].
ثم بين حال إبراهيم فقال: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا﴾ [آل عمران: ٦٧] برأه الله تعالى ونزهه عن الدينين، ووصفه بدين الإسلام فقال: ﴿وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا﴾ [آل عمران: ٦٧] الآية، وذكرنا معنى الحنيف فيما تقدم.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ﴾ [آل عمران: ٦٨] أي: أقرب الناس إليه وأحقهم به، للذين اتبعوه على دينه وملته، وهذا النبي يعني محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والذين آمنوا يعني المهاجرين والأنصار والتابعين ممن آمن بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


الصفحة التالية
Icon