﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {٧٥﴾ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴿٧٦﴾ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٧٧﴾ } [آل عمران: ٧٥-٧٧] قوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ﴾ [آل عمران: ٧٥] الآية، قال المفسرون: أخبرنا الله تعالى في هذه الآية عن اختلاف أحوال أهل الكتاب في الأمانة والخيانة، ليكون المؤمنون على بصيرة في ترك الركون إليهم، لاستحلالهم أموال المسلمين.
وقال ابن عباس في رواية الضحاك: أودع رجل عند عبد الله بن سلام ألفا ومائتي أوقية من ذهب فأداه إليه، فمدحه الله تعالى، وأودع رجل فنحاص بن عازوراء دينارا فخانه، وذلك قوله: ﴿مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾ [آل عمران: ٧٥] يعني عبد الله بن سلام، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾ [آل عمران: ٧٥] يعني فنحاص.
وقوله: ﴿إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا﴾ [آل عمران: ٧٥] أي: بالإلحاح والخصومة في التقاضي والمطالبة، عن ابن عباس وقتادة ومجاهد.
قال القتيبي: وأصله أن المطالب بالشيء يقوم فيه ويتصرف، والتارك له يقعد عنه، ثم قيل لكل من واظب على مطالبة أمر: قام به.
وإن لم يكنْ ثَمَّ قيامٌ.