﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ {٧٩﴾ وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنِّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴿٨٠﴾ } [آل عمران: ٧٩-٨٠] قوله: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ﴾ [آل عمران: ٧٩] الآية، قال ابن عباس في رواية الكلبي: إن اليهود والنصارى احتجوا بأنهم أولى بإبراهيم وبدينه، فذكروا ذلك للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كلا الفريقين منه ومن دينه بريء».
فغضبوا وقالوا: يا محمد، والله ما تريد إلا أن نتخذك ربا.
فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
قال قتادة: يقول: ما ينبغي لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم، يعني الفقه والعلم، والنبوة ثم يأمر عباد الله أن يتخذوه ربا من دون الله.
والمعنى: ما كان لبشر أن يجمع بين هذين، بين النبوة وبين دعاء الخلق إلى عبادة غير الله، وهو قوله: ﴿ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٧٩].
ولكن كونوا أي: ولكن يقول: كونوا ربانيين قال ابن عباس: معلمين.
وقال قتادة وسعيد بن جبير: فقهاء علماء حكماء.
قال سيبويه: زادوا ألفا ونونا في الرباني، إذا أرادوا تخصيصا بعلم الرب كما قالوا: شعراني ولحياني.
فالرباني على هذا القول: منسوب إلى الرب، على معنى التخصيص بعلم الرب، أي: يعلم الشريعة وصفات الرب.
وقال المبرد: الرباني: الذي يرب العلم ويرب الناس، أي: يعلمهم ويصلحهم.
وعلى هذا القول: الرباني: من الرب الذي هو بمعنى التربية.