وقوله: ﴿إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ [آل عمران: ٨٩] قال ابن عباس: راجعوا الإيمان بالله والتصديق بنبيه.
وأصلحوا أعمالهم، وقال الزجاج: معنى أصلحوا: أظهروا للناس أنهم كانوا على ضلال، وأصلحوا ما كانوا أفسدوه ومن تغريرهم من تبعهم ممن لا علم عنده.
﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران: ٨٩] أعلم الله تعالى أن من سعة رحمته وتفضله أن يغفر لمن اجترأ عليه هذا الاجتراء، وذلك أن الذي فعلوا لا غاية وراءه في الكفر، وهو أنهم كفروا بعد تبين الحق لهم.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ {٩٠﴾ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴿٩١﴾ } [آل عمران: ٩٠-٩١] قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ﴾ [آل عمران: ٩٠] قال ابن عباس: نزلت في اليهود، كفروا بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل بعثه.
﴿ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا﴾ [آل عمران: ٩٠] بالإقامة على كفرهم حتى هلكوا عليه.
وقال قتادة: إن اليهود كفروا بعيسى والإنجيل بعد إيمانهم بأنبيائهم وكتبهم، ﴿ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا﴾ [آل عمران: ٩٠] بكفرهم بمحمد والقرآن.
﴿لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ﴾ [آل عمران: ٩٠] لأنهم لا يتوبون إلا عند حضور الموت، ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾ [آل عمران: ٩٠].
وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا﴾ [آل عمران: ٩١] ملء الشيء: قدر ما يملأه، يقال: ملء القدح.
وانتصب ذهبا على التفسير.
قال الزجاج: المعنى: لو قدم ملء الأرض ذهبا يتقرب به إلى الله ما ينفعه ذلك مع كفره، ولو افتدى من العذاب بملء الأرض ذهبا لم يقبل منه.
١٥١ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رَجَاءٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ