حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: ١٧٩] أي: المنافق من المؤمن.
قال مجاهد: فميز الله يوم أحد المؤمنين من المنافقين، حيث أظهروا النفاق وتخلفوا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي يميز قراءتان: التخفيف والتشديد، وهما لغتان، يقال: مزت الشيء بعضا من بعض فأنا أميزه ميزا، وميزته تمييزا.
أي: فرقته وفصلت بينه، ومنه الحديث: «من ماز أذى من الطريق فهو له صدقة».
﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾ [آل عمران: ١٧٩] فتعرفوا المنافق من المؤمن قبل التمييز، والإطلاع: أن تطلع إنسانا على أمر لم يكن عَلِمَ به، يقال: أطلعته على كذا.
أي: أعلمته.
﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي﴾ [آل عمران: ١٧٩] أي: يختار لمعرفة ذلك، ﴿مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [آل عمران: ١٧٩] قال ابن عباس: يريد: أنت يا محمد ممن اصطفيته وأطلعته على هذا الغيب.
ثم أمر بالإيمان بجميع الرسل ووعدهم الأجر العظيم على ذلك فقال: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٧٩].
﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [آل عمران: ١٨٠] قوله: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٨٠] نزله في الباخلين بالزكاة الواجبة عليهم.


الصفحة التالية
Icon