وقال الحسن: يخادعون الله: أي نبيه، لأن الله بعث نبيه بدينه، فمن أطاعه فقد أطاع الله كما قال الله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: ٨٠]، وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ﴾ [الفتح: ١٠]، وإذا خادعوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد خادعوا الله.
وقوله: ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ﴾ [البقرة: ٩] قرئ بوجهين: فمن قرأ بالألف قال: هو من المفاعلة التي تقع من الواحد كقوله: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ﴾ [البقرة: ٩]، فلما وقع الاتفاق على الألف فِي قوله: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ﴾ [البقرة: ٩] أجري الثاني على الأول طلبًا للتشاكل.
ومن قرأ: يخدعون قال: إن فَعَلَ أُوِّلَ بفعل الواحد، من فاعل الذي فِي أكثر الأمر يكون لفاعلين.
ومعنى قوله: ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ﴾ [البقرة: ٩] : هو أنهم طلبوا الخداع فلم يخدعوا الله ولا المؤمنين وما خدعوا إلا أنفسهم، لأن وبال خداعهم عاد عليهم، لا أن الله تعالى يطلع نبيه على أسرارهم ونفاقهم فيفتضحون فِي الدنيا، ويستوجبون العقاب فِي العقبى.
وقوله وما يشعرون أي: وما يعلمون أنهم يخدعون أنفسهم، وأن وبال خداعهم يعود عليهم.
قوله: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [البقرة: ١٠] : قال ابن عباس، وابن مسعود، والحسن، وقتادة، وجميع المفسرين: أي: شك ونفاق.
وقال الزجاج: المرض فِي القلب: كل ما خرج به الإنسان من الصحة فِي الدين.
وقوله: ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ [البقرة: ١٠] أي: بما أنزل من القرآن، فشكوا فِيهِ كما شكوا فِي الذي قبله.


الصفحة التالية
Icon