قال ابن عباس: فرد الله عليهم جواب كفرهم فقال: ألا إنهم هم السفهاء لا المؤمنون الذين صدقوا محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن لا يعلمون ولكنهم لا يعلمون ما يقولون.
قوله: وإذا لقوا الذين آمنوا الآية، قال المفسرون: أراد ب الذين آمنوا: أبا بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأصحابَه، وذلك أن المنافقين كانوا إذا لقوهم واجتمعوا معهم قالوا: إيماننا كإيمانكم ونحن معكم.
يقال: لقيته لقاء ولقيانا ولقيا، وكل شيء استقبل شيئا فقد لقيه.
وقوله: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾ [البقرة: ١٤] يقال: خلوت بفلان، أخلو به خلوة وخلاء.
وخلوت معه وخلوت إليه بمعنًى واحدٍ.
والشيطان: كل متمرد عات من الجن والإنس، قال الله تعالى: ﴿شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ [الأنعام: ١١٢]، واشتقاقه من شطن، أي: بعد، فمعنى الشيطان: البعيد من الجنة.
قال الزجاج: ومعنى الشيطان: الغالي فِي الكفر، المتعبد فِيهِ من الجن والإنس.
قال ابن عباس: أراد ب شياطينهم: كبراءهم ورؤساءهم.
وقوله: إنا معكم أي: على دينكم، إنما نحن مستهزءون بأصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث نقول لهم: آمنا.
يقال: هزئ به يهزأ وتهزأ به، واستهزأ به.
وهو أن يظهر غير ما يضمر، استصغارا وعبثا.
قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [البقرة: ١٥] أي: يجازيهم جزاء استهزائهم، فسمى الجزاء باسم المجازى عليه كقوله: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠]، فسمى الثاني سيئة باسم الأول، وقال أيضًا: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٩٤].