﴿انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ﴾ [النساء: ١٧١] أي: ائتوا بالانتهاء عن قولكم خيرا لكم مما تقولون ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ﴾ [النساء: ١٧١] نزه نفسه ﴿أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ [النساء: ١٧١] ملكا وخلقا من غير شريك في ذلك، وإذا استحال الشرك في وصفه استحال الولد، ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا﴾ [النساء: ١٧١] أي: مفوضا إليه القيام بتدبير ملكه الذي لا ملك أوسع منه.
﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا {١٧٢﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلُيمًا وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ﴿١٧٣﴾ يَأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴿١٧٤﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴿١٧٥﴾ } [النساء: ١٧٢-١٧٥] قوله تعالى: ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ﴾ [النساء: ١٧٢] المفسرون يقولون: الاستنكاف والاستكبار واحد.
قال الكلبي: لن يتعظم.
وقال الأخفش، ومقاتل: لن يأنف.
وقال الزجاج: أي: ليس يستنكف الذي يزعمون أنه إله أن يكون عبدا لله، ﴿وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [النساء: ١٧٢] من كرامة الله والمواطن الشريفة وهم أكبر من البشر.
ثم أوعد من استكبر عن عبادة الله تعالى، فقال: ﴿وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾ [النساء: ١٧٢] الآية.
قوله عز وجل: ﴿يَأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [النساء: ١٧٤] قال ابن عباس: يريد بالبرهان: النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما جاء من البيان.
وإنما قيل للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برهان، لما معه من المعجزة التي تشهد بصدقه.
وقوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١٧٤] يريد: القرآن، سماه نورا لأنه يتبين به الأحكام كما تتبين الأشياء بالنور.


الصفحة التالية
Icon