وقوله: ﴿إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ١٣] يعني: من أسلم منهم ولم ينقضوا العهد ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ﴾ [المائدة: ١٣] منسوخ بآية السيف ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [المائدة: ١٣] يعني: المعافين المتجاوزين، قال ابن عباس: إذا عفوت فأنت محسن.
قوله عز وجل: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ﴾ [المائدة: ١٤] قال مقاتل: أخذ عليهم الميثاق كما أخذ على أهل التوراة أن يؤمنوا بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويتبعوه، وهو مكتوب عندهم في الإنجيل.
﴿فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ [المائدة: ١٤] فتركوا ما أمروا به من الإيمان بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان ذلك الحظ، ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [المائدة: ١٤] قال المؤرج: حرشنا بعضهم على بعض.
وقال النضر: هيجنا.
وقال الكلبي: ألقينا بينهم العداوة والبغضاء.
قال مجاهد، وقتادة، والسدي: يعني: بين اليهود والنصارى.
وقال الربيع: يعني: بين النصارى خاصة وذلك ما بين فرق النصارى من الاختلاف والعداوة، وهذا اختيار الزجاج، قال: تأويل ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾ [المائدة: ١٤] أي: صاروا فرقا يكفر بعضهم بعضا، ﴿وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [المائدة: ١٤] وعيد لهم.
قال قتادة: لما ذكر نقضهم العهد وتركهم ما أمروا به دعاهم على أثر ذلك إلى الإيمان بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ﴿يَأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [المائدة: ١٥] قال عطاء عن ابن عباس: يريد: تكتمون مما في التوراة والإنجيل لأنهم أخفوا منه آية الرجم، وأمْر محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصفته، ﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [المائدة: ١٥] يتجاوز عن كثير مما كتموه فلا يخبرهم بكتمانه.
وقوله: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ﴾ [المائدة: ١٥] ضياء من الضلالة وهدى، يعني: الإسلام، وقال قتادة: يعني: النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وهو


الصفحة التالية
Icon