النصارى وهو: لو كان المسيح إلها لقدر على دفع أمر الله إذا أتى بإهلاكه وإهلاك غيره.
قوله جل جلاله: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ [المائدة: ١٨] قال ابن قتيبة: يعنون أنه من حدبه وعطفه علينا كالأب المشفق، وقيل: إن هذا من باب حذف المضاف، معناه: نحن أبناء رسل الله.
قال ابن عباس: إنما قالوا هذا حين حذرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عقوبة الله.
وقوله: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾ [المائدة: ١٨] أي: لم عذب من قبلكم من اليهود والنصارى بذنوبهم، وهم الذين مسخهم الله تعالى قردة وخنازير من أصحاب السبت وأصحاب المائدة.
وهذا احتجاج عليهم وتكذيب لقولهم: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ [المائدة: ١٨]، لأن الوالد لا يعذب ولده والحبيب لا تطيب نفسه بتعذيب حبيبه.
ثم صرح بتكذيبهم فقال: ﴿بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾ [المائدة: ١٨] كسائر بني آدم مجزيون بالإحسان والإساءة، ﴿يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ١٨] قال عطاء: لمن يوحد، ﴿وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ١٨] من لا يوحد.
وقال السدي: يهدي منكم من يشاء فيغفر له، ويميت منكم من يشاء على كفره فيعذبه.
﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [المائدة: ١٨] أي: أنه يملك ذلك لا شريك له فيعارضه، وهو يملك المغفرة لمن يشاء والتعذيب لمن يشاء، وإليه المصير وإليه يئول أمر العباد في الآخرة.
قوله عز وجل: ﴿يَأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [المائدة: ١٩] قال ابن عباس: على انقطاع من الأنبياء.
يقال: فتر الشيء يفتر فتورا، إذا سكنت حدته وانقطع عما كان عليه.
والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث بعد انقطاع الرسل، لأن الرسل كانت متواترة بعضها في إثر بعض إلى وقت رفع الله عيسى عليه السلام.
وقوله: أن تقولوا أي: لئلا تقولوا: ﴿مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [المائدة: ١٩].


الصفحة التالية
Icon