وتقدير الكلام: يبحث في الأرض على غراب ميت ﴿لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ﴾ [المائدة: ٣١] كيف يستر جيفة أخيه قال قابيل: يا ويلتى أي: قد لزمني الويل بحملي جيفة ميت، ﴿أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾ [المائدة: ٣١] على حمله والتطواف به حين رأى الغراب فعل ذلك.
قوله تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ﴾ [المائدة: ٣٢] أي: بسبب قتل قابيل أخاه ﴿كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [المائدة: ٣٢] قال عطاء: قضينا.
وقال الكلبي: فرضنا على بني إسرائيل.
﴿أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ [المائدة: ٣٢] وجب عليه القصاص ﴿أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ﴾ [المائدة: ٣٢] يعني: الإشراك بالله، ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: ٣٢] قال مجاهد: من قتل نفسا محرمة يصلى النار بقتلها، كما يصلاها لو قتل الناس جميعا.
وقال الحسن: يجب عليه القصاص بقتلها مثل الذي يجب عليه القتل لو قتل الناس جميعا.
وقال سعيد بن جبير: من استحل قتل نفس فهو كذلك في دماء الناس كلهم لا يتحرج لها، ومن أحياها: مخافة من الله، وتحرجا من قتلها فكذلك يرى دماء الناس كلهم حراما.
وهذا كما يروى عن قتادة، والضحاك أنهما قالا: عظم الله أجرها، وعظم وزرها، فمن استحل قتل مسلم بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا، لأنهم لا يسلمون منه، ومن أحياها فحرمها وتورع عن قتلها ﴿فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: ٣٢] لسلامتهم عنه.
قال مجاهد: ومن لم يقتلها فقد أحياها.
قوله: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾ [المائدة: ٣٢] قال ابن عباس: بأن لهم صدق ما جاءوا به من الفرائض والحلال والحرام.
﴿ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾ [المائدة: ٣٢] مجاوزون حد الحق.
{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي


الصفحة التالية
Icon