وكذلك في قراءة عبد الله: فاقطعوا أيمانهما وأراد: يمينا من هذا ويمينا من هذه فجمع، قال الفراء، والزجاج: كل شيء موحد من خلق الإنسان إذا ذكر مضافا إلى اثنين فصاعدا جمع، فقيل: قد هشمت رءوسهما، وملئت ظهورهما وبطونهما ضربا.
ومثله قوله تعالى: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤]، وذلك أن الإضافة تبين أن المراد بالجمع التثنية، فإذا قلت: شبعت بطونهما، علم أن للاثنين بطنين، والتثنية في هما أغنتك عن التثنية في بطن.
وهذه الآية مجملة في إيجاب القطع على السارق، وتفصيل ذلك مأخوذ من السنة، وقوله: ﴿جَزَاءً بِمَا كَسَبَا﴾ [المائدة: ٣٨] قال الزجاج: نصب لأنه مفعول له، والمعنى: فاقطعوهما لجزاء فعلهما، وكذلك: ﴿نَكَالا مِنَ اللَّهِ﴾ [المائدة: ٣٨] قال ابن شهاب: نكل الله بالقطع في السرقة عن أموال الناس.
والله عزيز: في انتقامه من السارق، حكيم: فيما أوجبه من قطع يده.
قال الأصمعي: كنت أقرأ ﴿ [المائدة وبجنبي أعرابي، فقرأت هذه ال: ، فقلت: نكالا من الله والله غفور رحيم.
سهوا، فقال الأعرابي: كلام من هذا؟ قلت: كلام الله.
قال: أعد.
فأعدت: والله غفور رحيم.
فقال: ليس هذا كلام الله.
فتنبهت وقرأت:] وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
[المائدة: ٣٨]، فقال: أصبت هذا كلام الله.
قلت له: أتقرأ القرآن؟ قال: لا.
قلت: فمن أين علمت أني أخطأت؟ قال: يا هذا، عز فحكم فقطع، ولو غفر ورحم لما قطع.
قوله عز وجل: ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٣٩] قال ابن عباس: أي تاب بنية صادقة، وترك ظلم الناس، فإن الله يتجاوز عنه ولا يسقط عنه القطع بالتوبة.
قال مجاهد: ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ﴾ [المائدة: ٣٩] تاب الله عليه، والحد كفارة له.
وقال الكلبي: ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ﴾ [المائدة: ٣٩] العمل بعد القطع والسرقة فإن الله يتجاوز عنه.
قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٤٠] قال الضحاك: يعذب من يشاء على الذنب الصغير إذا قام عليه، ﴿وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٤٠] الذنب الكبير إذا نزع عنه.
وقال السدي: يهدي من يشاء فيغفر له، ويعذب من يشاء فيميته على كفره.


الصفحة التالية
Icon