وليس عبد لفظ جمع، لأنه ليس في أبنية الجموع شيء على هذا البناء، ولكنه واحد يراد به الكثرة، كقوله: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: ١٨].
وقوله: أولئك أي: أهل هذه الصفة شر مكانا: من المؤمنين، قال ابن عباس: لأن مكانهم سقر، ولا شر في مكان المؤمنين حتى يقال: اليهود شر مكانا منهم، ولكن هذا مبني على كلام الخصم وكذلك قوله: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ﴾ [المائدة: ٦٠] لأنهم قالوا: لا نعرف أهل دين شرا منكم، فقيل لهم: شر منهم من كان بهذه الصفة.
وقوله: ﴿وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ [المائدة: ٦٠] أي: عن قصد الطريق.
قوله عز وجل: ﴿وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا﴾ [المائدة: ٦١] الآية: قال الكلبي: إن جماعة من اليهود دخلوا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقالوا: صدقنا أنك رسول الله وهم يسرون بالكفر، وهو قوله: ﴿وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ﴾ [المائدة: ٦١] أي: دخلوا وخرجوا كافرين، والكفر معهم في كلتي حالتيهم.
﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ﴾ [المائدة: ٦١] أي: من نفاقهم وإبطانهم الكفر.
﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٦٢] قال ابن عباس: يجترئون على الخطأ والتعدي على الناس بما لا يحل.
وأكلهم السحت يعني: الرشي في الحكم، ﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: ٦٢] ذم لفعلهم.
قوله: لولا: هلا ينهاهم: عما يرتكبونه من القبيح الربانيون والأحبار: فقهاء اليهود وعلماؤهم، ﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [المائدة: ٦٣].
قال الضحاك: ما في القرآن آية أخوف عندي من هذه الآية، أساء الله الثناء على الفريقين على اليهود وعلى العلماء بترك النكير عليهم فيما صنعوا.
ودلت الآيتان على أن: تارك النهي عن المنكر بمنزلة مرتكبه.
قوله عز وجل: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ [المائدة: ٦٤] قال المفسرون: إن الله تبارك وتعالى كان قد بسط على


الصفحة التالية
Icon