﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ {٦٥﴾ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ﴿٦٦﴾ يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴿٦٧﴾ } [المائدة: ٦٥-٦٧] قوله جل جلاله: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا﴾ [المائدة: ٦٥] صدقوا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واتقوا: اليهودية والنصرانية، ﴿لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ [المائدة: ٦٥] التي عملوها قبل أن تأتيهم، والمعنى: محونا ذنوبهم التي سلفت بالإيمان بك.
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ﴾ [المائدة: ٦٦] قال ابن عباس: عملوا بما فيها من التصديق بك والوفاء لله، وأظهروا ما فيها ﴿لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ [المائدة: ٦٦] قال ابن عباس: لأنزلت عليهم القطر، وأخرجت لهم من نبات الأرض كلما أرادوا.
قوله: ﴿مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ﴾ [المائدة: ٦٦] أي: مؤمنة، وهم العادلة غير الغالية ولا المقصرة، ومعنى الاقتصاد في اللغة: الاعتدال في العمل من غير غلو ولا تقصير.
﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: ٦٦] بئس شيئا عملهم، قال ابن عباس: عملوا القبيح وما لا يرضي الله تعالى مع التكذيب للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قوله عز وجل: ﴿يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة: ٦٧] قال الحسن: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله بعثني بالرسالة فضقت بها ذرعا، وعرفت أن الناس مكذبيّ، فأوعدني فيها: لأبلغها أو ليعذبنني ".
وقال ابن الأنباري: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجاهر ببعض القرآن أيام كان بمكة ويخفي بعضه، إشفاقا على نفسه من


الصفحة التالية
Icon