قوله: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ [المائدة: ٨٢] قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، وعطاء، والسدي: يعني: النجاشي ووفده الذين قدموا من الحبشة على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وآمنوا به، ولم يرد جميع النصارى، مع ظهور عداوتهم للدين.
وقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ [المائدة: ٨٢]، قال الزجاج: القس والقسيس: من رؤساء النصارى، ويجمع القسيس: قسيسين.
وقال قطرب: القسيس: العالم بلغة الروم.
والرهبان جمع راهب، مثل فارس وفرسان، والرهبانية مصدر الراهب، والترهب: التعبد في صومعة.
قال ابن الأنباري: مدحهم الله تعالى بالتمسك بدين عيسى، وأنهم استعملوا في أمر محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أخذ عليهم في التوراة والإنجيل.
فتأويل قوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ [المائدة: ٨٢] ذلك بأن منهم علماء بوصاة عيسى عليه السلام.
الدليل على ذلك قوله: ﴿وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [المائدة: ٨٢] أي: عن اتباع الحق والإذعان إليه كما استكبر اليهود وعبدة الأوثان.
قوله: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ﴾ [المائدة: ٨٣] الآية: قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد: النجاشي وأصحابه، قرأ عليهم جعفر الطيار بالحبشة: كهيعص، فما زالوا يبكون حتى فرغ من القراءة، فذلك قوله: ﴿تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾ [المائدة: ٨٣] يريد: الذي نزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الحق.
٣٠٠ - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ التَّاجِرُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ


الصفحة التالية
Icon