قال الزجاج: أمر الله نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يحتج عليهم بأن شهادة الله في نبوة نبيه أكبر شهادة، وأن القرآن الذي أتى به يشهد له أنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو قوله: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] يريد: من أمتي إلى يوم القيامة.
قال الفراء: المعنى: ومن بلغه القرآن من بعدكم، وكان مجاهد يقول: حيثما يأتي القرآن فهو داع ونذير.
ثم قرأ هذه الآية، وقال القرظي: من بلغه القرآن فكأنما رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكلمه.
قوله: ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٩] هذا استفهام معناه الجحد والإنكار عليهم بهذه الشهادة، ثم أمر رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنفي هذه الشهادة عن نفسه بقوله: ﴿قُلْ لا أَشْهَدُ﴾ [الأنعام: ١٩]، ثم أمره بتوحيده والتبري مما سوى الإسلام فقال: ﴿قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: ١٩].
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ {٢٠﴾ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴿٢١﴾ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴿٢٢﴾ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴿٢٣﴾ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿٢٤﴾ } [الأنعام: ٢٠-٢٤] قوله: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾ [الأنعام: ٢٠] يعني: اليهود والنصارى يعرفونه: يعرفون محمد بالنبوة والصدق بما يجدونه مكتوبا عندهم في صفته ونعته ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ﴾ [الأنعام: ٢٠].
وقد تقدم تفسير هذا في ﴿ [البقرة، وباقي ال: مفسر في هذه السورة.
قوله:] وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ [الأنعام: ٢١] قال ابن عباس: ومن أكفر ممن اختلق على الله كذبا فأشرك به الآلهة، والمعنى: لا أحد أظلم منه.
﴿أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ﴾ [الأنعام: ٢١] يعني: القرآن، وهم اليهود والنصارى كذبوا القرآن ومعجزاته، ﴿إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [الأنعام: ٢١] قال ابن عباس: لا يسعد من جحد ربوبية ربه، وكذّب رسله.