إنها تأتي فجأة لا يعلمها أحد فينتظرها، و ﴿قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا﴾ [الأنعام: ٣١] التفريط: التضييع والترك.
أي: على ما تركنا وضيعنا من عمل الآخرة في الدنيا.
﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ﴾ [الأنعام: ٣١] الأوزار: الأثقال من الإثم، قال ابن عباس: يريد: آثامهم وخطاياهم.
قال المفسرون: إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله أحسن شيء صورة وأطيبه ريحا، فيقول: أنا عملك الصالح طالما ركبتك في الدنيا فاركبني أنت اليوم، فذلك قوله: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا﴾ [مريم: ٨٥] أي: ركبانا.
وإن الكافر إذا خرج من قبره استقبله أقبح شيء صورة وأخبثه ريحا، فيقول: أنا عملك السيئ طالما ركبتني في الدنيا فأنا أركبك اليوم، وذلك قوله: ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ﴾ [الأنعام: ٣١]، وهذا قول قتادة، والسدي.
وقوله: ﴿أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ [الأنعام: ٣١] يقال: وزرت الشيء آزره وزرا إذا حملته.
قال ابن عباس: بئس الحمل حملوا.
قوله: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ [الأنعام: ٣٢] يعني: الحياة في هذه الدار ﴿إِلا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ [الأنعام: ٣٢] أي: باطل وغرور لأنها تنقضي وتفنى، كاللعب واللهو لذة فانية عن قرب.
وللدار الآخرة يعني: الجنة ﴿خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ٣٢] الشرك أفلا يعقلون أنها كذلك فيصلوا لها.
وقرأ ابن عامر: ولدار الآخرة بالإضافة، قال الفراء: يضاف الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان، كقولهم: بارحة الأولى، ويوم الخميس، وحق اليقين.