﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ {٤٨﴾ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴿٤٩﴾ } [الأنعام: ٤٨-٤٩] وقوله: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ﴾ [الأنعام: ٤٨] بالثواب لمن آمن، ومنذرين: بالنار لمن كفر، أي: إنما قصدهم التبشير والإنذار، لا أن يأتوا بما يقترح عليهم من الآيات.
ثم ذكر ثواب من صدق فقال: ﴿فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ﴾ [الأنعام: ٤٨] العمل ﴿فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [الأنعام: ٤٨]، وذكر عقاب المكذبين فقال: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ [الأنعام: ٤٩] الآية.
﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ﴾ [الأنعام: ٥٠] وقوله: ﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ٥٠] الخزائن: جمع الخزانة، وهي اسم للمكان الذي يخزن فيه الشيء.
قال الزجاج: أعلمهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لا يملك خزائن الله التي منها يرزق ويعطي ولا الغيب، فيخبرهم بما غاب عنه مما مضى وما سيكون، وليس بملك يشاهد من أمور الله ما لا يشاهده البشر، وهو قوله: ﴿وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ [الأنعام: ٥٠] أي: ما أنبأتكم من غيب فيما مضى وفيما سيكون فهو بوحي من الله.
﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ [الأنعام: ٥٠] قال قتادة: الكافر والمؤمن.
وقال سعيد بن جبير، ومجاهد، والضحاك: الضال والمهتدي.
أفلا تتفكرون: أنهما لا يستويان.
﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {٥١﴾ وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٥٢﴾ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴿٥٣﴾ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ