وقال الزجاج: معنى كتب: أوجب ذلك إيجابا مؤكدا.
قوله: ﴿أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ﴾ [الأنعام: ٥٤] يعني: أنه بجهله آثر العاجل القليل على الآجل الكثير، كقوله: ﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾ [النساء: ١٧].
وقوله: ﴿ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [الأنعام: ٥٤] أي: رجع عن ذنبه ولم يصر على ما فعل، وأصلح: عمله، ﴿فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنعام: ٥٤]، واختلفوا في قوله: أنه وفأنه: فمن فتحهما جعل الأولى تفسيرا للرحمة، كأنه قيل: كتب ربكم على نفسه الرحمة: أنه من عمل منكم، ثم جعل الثانية بدلا من الأولي كقوله: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ﴾ [المؤمنون: ٣٥].
ومن كسرها، كسر الأولى على الحكاية، كأنه لما قال: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [الأنعام: ٥٤] قال: إنه من عمل منكم سوءا بجهالة، وكسر الثانية لأنها دخلت على ابتداء وخبر وهي مستأنفة.
وأما نافع فإنه أبدل الأولى من الرحمة ففتحها، واستأنف ما بعد الفاء.
قوله: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ﴾ [الأنعام: ٥٥] يقول: وكما فصلنا ذلك في هذه ال { [دلائلنا وأعلامنا على المشركين، كذلك نميز ونبين لك حجتنا في كل حق ينكره أهل الباطل.
ومعنى التفصيل: التمييز للبيان.
قوله: ولتستبين عطف على المعنى، كأنه قيل: ليظهر الحق وليستبين.
والسبيل يذكر ويؤنث، فلذلك قرئ ولتستبين بالتاء والياء، هذا فيمن رفع السبيل، ومن نصب السبيل كانت التاء للخطاب، أي ولتستبين: يا محمد سبيلَ المجرمين، يقال: استبان الشيء واستبنته.