المشركون بالقرآن وخاضوا فيه قمنا عنهم لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام وأن نطوف بالبيت، فنزل: ﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ٦٩] أي: الشرك والكبائر والفواحش من حسابهم: من آثامهم ﴿مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى﴾ [الأنعام: ٦٩] يقول: ذكروهم بالقرآن، فرخص لهم في مجالستهم على ما أمروا به من المواعظ لهم لعلهم يتقون: الاستهزاء والخوض.
﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾ [الأنعام: ٧٠] قوله: ﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا﴾ [الأنعام: ٧٠] يعني: الكفار الذين إذا سمعوا بآيات الله استهزءوا بها وتلاعبوا عن ذكرها، وذكر به: وعظ بالقرآن ﴿أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الأنعام: ٧٠] قال الحسن، ومجاهد، وعكرمة: تسلم للهلكة.
والإبسال: أن يبسل الرجل فيخذل، يقال: أبسلته بجنايته، أي: أسلمته بها، وهو الترك.
ومعنى الآية: وذكرهم بالقرآن إسلام الجانين بجناياتهم لعلهم يخافون فيتقون.
وقوله: ليس لها أي: للنفس المبسلة ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ﴾ [الأنعام: ٧٠] يعني في الآخرة.
﴿وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ﴾ [الأنعام: ٧٠] وإن تفد كل فداء ﴿لا يُؤْخَذْ مِنْهَا﴾ [الأنعام: ٧٠] قال ابن عباس: إن تفد بالدنيا وما فيها لا يؤخذ منها.
وقال قتادة: لو جاءت بملء الأرض ذهبا لم يقبل منها.
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا﴾ [الأنعام: ٧٠] أسلموا للهلاك ﴿لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ﴾ [الأنعام: ٧٠] وهو الماء الحار، وعذاب أليم: موجع مؤلم ﴿بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾ [الأنعام: ٧٠] بكفرهم بالله والقرآن.
{قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا