ومعنى ﴿لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي﴾ [الأنعام: ٧٧] لئن لم يثبتني على الهدى، ليس أنه لم يكن مهتديا، والأنبياء لم يزالوا يسألون الله عز وجل الثبات على الإيمان، وإبراهيم يقول: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ﴾ [إبراهيم: ٣٥].
قوله: ﴿فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ [الأنعام: ٧٨] قال ابن الأنباري: إنما قال: هذا، والشمس مؤنثة لأن الشمس بمعنى الضياء والنور، فحمل الكلام على التأويل، وأعان على التذكير أيضا أن الشمس ليس فيها علامة التأنيث، وأنشد قول الأعشى:
فلا مزنة ودقت ودقها | ولا أرض أبقل أبقالها |
وقوله: هذا أكبر أي: من الكوكب والقمر، فلما توجهت الحجة على قومه ﴿قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: ٧٨].
﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ﴾ [الأنعام: ٧٩] قال الزجاج: جعلت قصدي بعبادتي وتوحيدي لله عز وجل، وباقي الآية مفسر فيما تقدم.
﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ {٨٠﴾ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٨١﴾ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴿٨٢﴾ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴿٨٣﴾ } [الأنعام: ٨٠-٨٣] قوله عز وجل: ﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ﴾ [الأنعام: ٨٠] : قال ابن عباس: خاصموه وجادلوه في آلهتهم وخوفوه بها، فقال منكرا عليهم ﴿أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ﴾ [الأنعام: ٨٠] أي: في توحيد الله، ﴿وَقَدْ هَدَانِ﴾ [الأنعام: ٨٠] أي: بين لي ما به اهتديت والتشديد على النون