لصنيع صنعتموه فيما بينكم وبين موسى في مصر، قبل خروجكم إلى هذا الموضع لتستولوا على مصر، ﴿لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ١٢٣] عاقبة ما صنعتم، لأقطعن أيديكم الأيمان، وأرجلكم اليسرى، وهو قوله: من خلاف يعني من كل شق طرفا، ﴿ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٤] قالوا: ﴿إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ﴾ [الأعراف: ١٢٥] قال ابن عباس: راجعون إلى ربنا بالتوحيد والإخلاص.
﴿وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا﴾ [الأعراف: ١٢٦] وما تكره منا شيئا ولا تطعن علينا، قال ابن عباس: ما لنا عندك من ذنب، ولا ركبنا منك مكروها تعذبنا عليه، إلا إيماننا بآيات ربنا.
يعني: ما أتى به موسى آمنوا بها أنها من عند الله، لا يقدر على مثلها إلا الله، ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا﴾ [الأعراف: ١٢٦] قال مجاهد: اصبر علينا الصبر عند الصلب والقطع حتى لا نرجع كفارا، وتوفنا مسلمين مخلصين على دين موسى.
﴿وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ {١٢٧﴾ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴿١٢٨﴾ قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴿١٢٩﴾ } [الأعراف: ١٢٧-١٢٩] قوله: ﴿وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ﴾ [الأعراف: ١٢٧] هذا إغراء من الملأ لفرعون على موسى، وإنكار أن يتركه مقيما على مخالفته، وأرادوا بالإفساد في الأرض: دعاءهم الناس إلى مخالفة فرعون في عبادته، وتجهيلهم إياه، وقوله: ويذرك قال ابن الأنباري: الواو نائبة عن الفاء.
وهو قول الزجاج، قال: نصب ويذرك على جواب الاستفهام بالواو، والمعنى: أيكون منك أن تذر موسى، وأن يذرك موسى وآلهتك وهي جمع إله، قال الكلبي عن ابن عباس: كان فرعون صنع لقومه