٣٦٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، نا مَأْمُونُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَأْمُونٍ، نا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّوْءِ، عَنْ أَبِيهِ الصَّلْصَالِ بْنِ الدَّلَهْمَسِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَنَا: إِنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ عَلِيلٌ امْضُوا بِنَا لِنَعُودَهُ، فَوَثَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّنَا، وَاتَّبَعْنَاهُ فَاجْتَازَ فِي طَرِيقِهِ بِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ يُمَرِّضُ ابْنًا لَهُ فَمَالَ إِلَيْهِ فَقَالَ: «يَا يَهُودِيُّ هَلْ تَجِدُونَنِي عِنْدَكُمْ مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاةِ؟» فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ الْيَهُودِيُّ بِرَأْسِهِ يُعْلِمُهُ أَنَّهُمْ لا يَجِدُونَهُ عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ مَكْتُوبًا، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْيَهُودِيِّ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَجِدُونَكَ عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ مَكْتُوبًا وَلَقَدْ طَلَعْتُ، وَإِنَّ فِي يَدِهِ لَسِفْرًا مِنَ التَّوْرَاةِ يَقْرَأُ فِيهِ صِفَتَكَ، وَصِفَةَ أَصْحَابِكَ، وَذَكَرَكَ، فَلَمَّا رَآكَ سَتَرَهُ عَنْكَ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَكَانَتْ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الْغُلامُ حَتَّى قَضَى نَحْبَهُ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَقِيمُوا عَلَى أَخِيكُمْ حَتَّى تَقْضُوا حَقَّهُ، قَالَ: فَحُلْنَا بَيْنَ الْيَهُودِيِّ وَبَيْنَهُ وَتَوَلَّيْنَا أَمْرَهُ، حَتَّى وَارَيْنَاهُ وَانْصَرَفْنَا
وقوله: يأمرهم بالمعروف: قال ابن عباس: يريد: مكارم الأخلاق وصلة الأرحام، ﴿وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [الأعراف: ١٥٧] عبادة الأوثان وقطع الأرحام، ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ﴾ [الأعراف: ١٥٧] يعني: ما كان يحرمه أهل الجاهلية من البحائر والسوائب وغيرها، ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: ١٥٧] الميتة والدم وما ذكر معهما، ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ﴾ [الأعراف: ١٥٧] قال الزجاج: الإصر: ما عقدته من عقد ثقيل.
قال سعيد بن جبير: هو شدة العبادة.
﴿وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [الأعراف: ١٥٧] قال المفسرون: هي الشدائد التي كانت عليهم كقطع أثر البول، وقتل النفس في التوبة، وقطع الأعضاء الخاطئة، ووجوب القصاص دون الدية، وترك العمل بتة في السبت، فشبهت هذه الشدائد بالأغلال التي تجمع اليد إلى العنق تمثيلا، ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ﴾ [الأعراف: ١٥٧] بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اليهود، وعزروه ووقروه،


الصفحة التالية
Icon