الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [سورة الأعراف: ١٦٣] أي: التي هي مجاورة البحر وبقربه وعلى شاطئه، ﴿إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ﴾ [الأعراف: ١٦٣] أي: يظلمون فيه بصيد السمك، قال ابن عباس: يصيدون الحيتان ويفعلون ما نهوا عنه.
﴿إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا﴾ [الأعراف: ١٦٣] ظاهرة على الماء جمع شارع وشارعة.
قال المفسرون: إن اليهود أمروا بتعظيم السبت وحرم عليهم فيه الصيد، فإذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها، فإذا انقضى السبت ذهبت فلم تر إلى السبت المقبل، بلاء ابتلوا به، فذلك قوله: ﴿وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ﴾ [الأعراف: ١٦٣] أي: يوم لا يفعلون سبتهم لا تأتيهم الحيتان، وانقطع الكلام، ثم قال: كذلك نبلوهم أي: مثل هذا الاختبار الشديد نختبرهم، ويجوز أن يكون تمام الكلام عند قوله: كذلك والمعنى: لا تأتيهم الحيتان مثل ذلك الإتيان الذي يأتي يوم السبت، ثم استأنف فقال: ﴿نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [الأعراف: ١٦٣] أي: نشدد عليهم المحنة بفسقهم وعصيانهم الله تعالى، والوجهان ذكرهما الزجاج، وابن الأنباري.
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ﴾ [الأعراف: ١٦٤] قال أهل التفسير: افترق أهل القرية ثلاث فرق فرقة صادت وأكلت، وفرقة نهت وزجرت، وفرقة أمسكت عن الصيد، وقالت للفرقة الأولى الناهية: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ﴾ [الأعراف: ١٦٤] لاموهم على موعظة قوم يعلمون أنهم غير مقلعين، فقالت الفرقة الناهية: ﴿مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ١٦٤] أي: موعظتنا إياهم معذرة، والمعنى: أن الأمر بالمعروف واجب علينا، فعلينا موعظة هؤلاء عذرا إلى الله تعالى، ومن نصب معذرة فعلى معنى نعتذر معذرة.
وقوله: ولعلهم يتقون أي: وجائز عندنا أن ينتفعوا بالموعظة فيتقوا الله ويتركوا المعصية.
قوله: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ [الأعراف: ١٦٥] قال ابن عباس: تركوا ما وعظوا به، ﴿أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ﴾ [الأعراف: ١٦٥] يعني: الفرقة الناهية، ﴿وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ﴾ [الأعراف: ١٦٥] قال المفسرون: بشديد من العذاب، يقال: بؤس يبؤس بؤسا.
إذا اشتد، فهو بئيس.
وقرأ نافع: بيس جعل بئس الذي


الصفحة التالية
Icon