بين أهل بدر على السواء.
وقوله: فاتقوا الله أي: بطاعته واجتناب معاصيه، ﴿وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ [الأنفال: ١] أي: المنازعة الواقعة بينكم في الأنفال، ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [الأنفال: ١] قال الزجاج: اقبلوا ما أمرتم به في الغنائم وغيرها، ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: ١] يعني: أن الإيمان يوجب القبول من الله ورسوله، وهذه الآية منسوخة بقوله: ﴿فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ﴾ [الأنفال: ٤١] الآية، وكانت الغنائم يومئذ خاصة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنسخها الله بالخمس.
قوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنفال: ٢] تأويله: إذا ذكرت عظمة الله وقدرته وما خوف به من عصاه فزعت قلوبهم، يقال: وجل يوجل فهو وجل.
إذا خاف، يقول: إنما المؤمن الذي إذا خوف بالله فرق قلبه، وانقاد لأمره خوفا من عقابه، وفيه إشارة إلى إلزام أصحاب بدر بطاعة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يرى من قسمة الغنائم.
وقوله: ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ [الأنفال: ٢] قال ابن عباس: تصديقا ويقينا.
والمعنى: أنهم يصدقون بالأولى والثانية والثالثة، وكل ما يأتي من عند الله فيزيد تصديقهم، ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال: ٢] قال ابن عباس: يتقون لا يرجون غيره.
ثم زاد في وصفهم فقال: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ [الأنفال: ٣] الآية، ثم حقق لهم الإيمان فقال: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ [الأنفال: ٤] قال ابن عباس: برئوا من الكفر.
وقال مقاتل: أولئك هم المؤمنون لا شك في إيمانهم كشك المنافقين.
﴿لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [الأنفال: ٤] قال عطاء: يعني درجات الجنة يرتقونها بأعمالهم.
ورزق كريم يعني: ما أعد الله لهم في الجنة.
﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ {٥﴾ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ﴿٦﴾ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ ﴿٧﴾ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴿٨﴾ } [الأنفال: ٥-٨] قوله: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ﴾ [الأنفال: ٥] أي: أمرك بالخروج ودعاك إليه، من بيتك يعني المدينة، ﴿بِالْحَقِّ﴾ [الأنفال: ٥] أي: بالوحي ذلك أن جبريل أتاه وأمره بالخروج، قال المفسرون: إن الله تعالى أمر نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالخروج من المدينة