أن يكونوا يثبتونهم بأشياء يلقونها في قلوبهم تقوى بها.
وقال الحسن: «فثبتوا الذين آمنوا بقتالكم المشركين».
وقوله: ﴿سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ [الأنفال: ١٢] قال عطاء: يريد الخوف من أوليائي، ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ﴾ [الأنفال: ١٢] يعني الرءوس لأنها فوق الأعناق، قال عطاء: يريد كل هامة وجمجمة.
وجائز أن يكون هذا أمر للمؤمنين، وجائز أن يكون أمرا للملائكة وهو الظاهر، قال ابن الأنباري: إن الملائكة حين أمرت بالقتال لم تعلم أين تقصد بالضرب من الناس، فعلمهم الله تعالى أن يضربوا الرءوس، وقوله: ﴿وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ [الأنفال: ١٢] قال ابن عباس، وابن جريج، والسدي: يعني الأطراف من اليدين والرجلين.
وقال الفراء: يعني الأيدي والأرجل.
قال ابن الأنباري: البنان أطراف الأصابع فاكتفى الله به من جملة اليد والرجل.
ذلك بأنهم أي: ذلك الضرب بأنهم ﴿شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [الأنفال: ١٣] قال ابن عباس: حاربوا الله ورسوله.
والمعنى: خالفوا أمر الله ورسوله، ثم أوعد المخالف لهما بباقي الآية، ذلكم أي ذلك الضرب، ﴿فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ﴾ [الأنفال: ١٤] وعيد للكفار بعذاب النار بعد ما نزل بهم من ضرب الأعناق وكل بنان.
﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ {١٥﴾ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿١٦﴾ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿١٧﴾ ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ ﴿١٨﴾ } [الأنفال: ١٥-١٨] قوله تعالى: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا﴾ [الأنفال: ١٥] أي متدانين لقتالكم، قال الليث: الزحف: جماعة يزحفون إلى عدو لهم بمرة فهو الزحف وجمعه الزحوف.
قال الزجاج: إذا واقفتموهم للقتال فلا تنهزموا.
وهو قوله: ﴿فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ﴾ [الأنفال: ١٥] أي: لا تجعلوا ظهوركم مما يليهم.
﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ﴾ [الأنفال: ١٦] يعني: يوم لقاء الكفار، ﴿دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ﴾ [الأنفال: ١٦] أي: منعطفا كأنه يطلب عودة يمكنه إصابتها، ينحرف عن وجهه ويرى أنه منهزم، ثم يكر، أو متحيزا أي: متنحيا منضما إلى فئة جماعة من المسلمين يريدون العودة إلى القتال، ومعنى الآية: النهي عن الانهزام بين يدي الكفار إلا أن يكون متحرفا لقتال أو