وقوله: وإن تنتهوا أي: عن الشرك بالله، ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا﴾ [الأنفال: ١٩] لقتال محمد، نعد عليكم بالقتل والهزيمة، ﴿وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ﴾ [الأنفال: ١٩] جماعتكم ﴿شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ﴾ [الأنفال: ١٩] في العدد، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: ١٩] بالعون والنصر، فمن كسر إن فهو منقطع عما قبله، ومن فتح كان وجهه: ولأن الله مع المؤمنين أي لذلك لن تغني عنكم فئتكم شيئا.
﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ {٢٠﴾ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ﴿٢١﴾ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ﴿٢٢﴾ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴿٢٣﴾ } [الأنفال: ٢٠-٢٣] قوله: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ﴾ [الأنفال: ٢٠] ولا تعرضوا عنه، وأنتم تسمعون موعظتي وما أعددت لأوليائي وأعدائي من الثواب والعقاب، وقال ابن عباس: لا تولوا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنتم تسمعون ما نزل من القرآن.
﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ﴾ [الأنفال: ٢١] قال ابن عباس: يعني اليهود قريظة، والنضير.
قال الزجاج: معنى قوله: ﴿سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ﴾ [الأنفال: ٢١] أنهم سمعوا سماع عداوة وبغضاء، فلم يتفقهوا ولم يتفكروا فيما سمعوا، فكانوا بمنزلة من لم يسمع.
وقال مقاتل: يعني المنافقين الذين يقولون سمعنا سماع قابل وليسوا كذلك.
قوله: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ﴾ [الأنفال: ٢٢] قال ابن عباس، ومجاهد، ومقاتل: يريد نفرا من بني عبد الدار كانوا صما عن الحق فلا يسمعونه بكما عن التكلم به.
فكل ما دب على الأرض فهو من جملة الدواب، بين الله تعالى أن هؤلاء الكفار شر ما دب على وجه الأرض من الحيوان، وقوله: ﴿الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾ [الأنفال: ٢٢] أي: الذين لا يقبلون القرآن ولا يعقلون الموعظة.
قوله: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ﴾ [الأنفال: ٢٣] لو علم أنهم يصلحون بما يورده عليهم من حججه وآياته