إلى الإسلام، والمراد بالتعذيب في هذه الآية تعذيب الاستئصال، ثم ذكر المشركين خاصة وأنه معذبهم بالسيف غير عذاب الاستئصال، فقال: ﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ﴾ [الأنفال: ٣٤] أي: لم لا يعذبهم الله بالسيف، ﴿وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [الأنفال: ٣٤] يعني: المؤمنين يمنعونهم أن يطوفوا بالبيت، ﴿وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ﴾ [الأنفال: ٣٤] قال الحسن: إن المشركين قالوا: نحن أولياء المسجد الحرام.
فرد الله عليهم وقال: ﴿إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ﴾ [الأنفال: ٣٤] ليس أولياء المسجد إلا المتقين الكفرَ والشركَ والفواحشَ، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: ٣٤] ذلك.
قوله: ﴿وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾ [الأنفال: ٣٥] المكاء: الصفير، يقال: مكا يمكو مكوا ومكاء.
إذا جمع يديه ثم صفر فيهما، والتصدية: التصفيق وهو ضرب اليد على اليد، قال ابن عباس: كانت قريش يطوفون بالبيت عراة يصفرون ويصفقون.
فقال الزجاج: أعلم الله أنهم كانوا مع صدهم أولياء المسجد الحرام وكان تقربهم إلى الله بالصفير والتصفيق.
قال ابن الأنباري: المكاء والتصدية ليسا بصلاة، ولكن الله تعالى أخبر أنهم جعلوا مكان الصلاة التي أمروا بها المكاء والتصدية، فألزمهم ذلك أعظم الأوزار.
وقوله: فذوقوا العذاب يعني: عذاب السيف يوم بدر، ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [الأنفال: ٣٥] تجحدون توحيد الله.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ {٣٦﴾ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿٣٧﴾ } [الأنفال: ٣٦-٣٧] قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنفال: ٣٦] الآية، قال مقاتل، والكلبي: نزلت في المطعمين يوم بدر، وكانوا اثني عشر رجلا: أبو جهل بن هشام، وأخوه الحارث بن هشام، والنضر بن الحارث، وحكيم بن حزام، وأبي بن خلف، وعتبة،