خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴿٤٧﴾ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿٤٨﴾ إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿٤٩﴾ } [الأنفال: ٤٥-٤٩] قوله: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا﴾ [الأنفال: ٤٥] قال الكلبي: إذا لقيتم جماعة العدو فاثبتوا لعدوكم.
واذكروا الله قال قتادة: أمر الله بذكره، وهم أشغل ما يكونون عند الضراب بالسيف.
وقال غيره: أراد بالذكر ههنا الدعاء بالنصر والظفر.
﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [الأنفال: ٤٦] فيما يأمركم به، ولا تنازعوا لا تختلفوا فيما بينكم، فتفشلوا فتجبنوا عن عدوكم، وتذهب ريحكم جلدكم وجدكم، وقال مجاهد: نصرتكم.
وقال السدي: جرأتكم، وقال الأخفش: دولتكم.
والريح ههنا: كناية عن نفاذ الأمر وجريانه على المراد، والعرب تقول: هبت ريح فلان.
إذا أقبل أمره على ما يريد، وركدت ريحه.
إذا أدبر أمره، وقال ابن زيد، وقتادة: يعني: ريح النصر، لم يكن نصر قط إلا ريح يبعثها الله يضرب بها وجوه العدو، ومنه قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور».
قوله تعالى: ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا﴾ [الأنفال: ٤٧] الآية: قال جماعة المفسرين: يعني: قريشا خرجوا من مكة ليحموا غيرهم، فخرجوا معهم القيان والمعازف يشربون الخمور وتعزف عليهم القيان، فذلك قوله: ﴿بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ﴾ [الأنفال: ٤٧] قال الزجاج: البطر: الطغيان في النعمة وترك شكرها، والرياء: إظهار الجميل ليرى مع إبطان القبيح، يقال: راءى يرائي رياء ومراءاة، قال قتادة: هؤلاء


الصفحة التالية
Icon