فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا نصرت إن لم أنصركم».
وغضب لهم، وخرج إلى مكة، ونصر الله رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشفى صدور خزاعة، وهو قوله: ﴿وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾ [التوبة: ١٥] يعني كربها ووجدها بمعونة قريش بكرا عليهم، ﴿وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ﴾ [التوبة: ١٥] يعني من المشركين كأبي سفيان بن حرب، وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، تاب الله عليهم وهداهم للإسلام، والله عليم بنيات المؤمنين، حكيم فيما قضى، ثم رجع إلى خطاب المنافقين، فقال: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ﴾ [التوبة: ١٦] أي: العلم الذي يجازي عليه وهو العلم بالشيء بعد وجوده، ﴿وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً﴾ [التوبة: ١٦] قال الفراء: الوليجة: البطانة من المشركين يتخذونهم فيفشون إليهم أسرارهم، ووليجة الرجل من يختص بدَخْلَة أمره دون الناس، الواحد والجمع فيه سواء، قال ابن عباس: ولم يتخذوا أولياء من المشركين.
قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١٧] الآية: لما أسر العباس يوم بدر عيره المسلمون بالكفر وقطيعة الرحم، فقال: إنا لنعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج، فرد الله ذلك عليه بهذه الآية، ومعنى ما كان لهم ذلك أنه أوجب على المسلمين منعهم من ذلك، وأكثر المفسرين: حملوا العمارة ههنا على دخول المسجد الحرام والقعود فيه، قال الحسن: ما كان للمشركين أن يتركوا فيكونوا أهل المسجد الحرام.
وذهب آخرون إلى العمارة المعروفة من بناء المسجد ورمه عند الخراب، وهذا أيضا محذور على الكافر، يمنع منه حتى لو أوصى به لم تقبل وصيته، وقرأ أبو عمرو: مسجد الله على التوحيد، لقوله: ﴿وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [التوبة: ١٩] وقال الفراء: ربما ذهبت العرب بالواحد إلى الجمع وبالجمع إلى الواحد، وقوله: ﴿شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ﴾ [التوبة: ١٧] قال ابن عباس: شهادتهم على أنفسهم