في الحكم وما كانوا يصيبونه من المأكل من سفلتهم، ﴿وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٤] ويصرفون الناس عن الإيمان بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ [التوبة: ٣٤] أكثر المفسرين على أنه مستأنف نازل في هذه الأمة، وقال قوم: إنا لفينا وفيهم.
ومعنى الكنز في كلام العرب الجمع، وكل شيء جمع بعضه إلى بعض فهو مكنوز، والمراد بهذا الكنز جميع المال الذي لا تؤدى زكاته، قوله تعالى: ﴿وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٤] قال ابن عباس: لا يؤدون زكاتها، وما أدي زكاته فليس بكنز.
قال ابن عمر: كل مال تؤدى زكاته فليس بكنز، وإن كان مدفونا، وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز وإن لم يكن مدفونا.
والكناية في: ولا ينفقونها تعود إلى الفضة وترك الذهب لأنه داخل في الفضة فاكتفي بذكر أحدهما عن صاحبه، وقال ابن الأنباري: لأن الفضة أقرب إلى العائد وأعم وأغلب.
وقوله: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: ٣٤] أي: اجعل الوعيد لهم بالعذاب موضع البشرى والنعيم.
٤٠٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ الْعَطَّارُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، نا الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ، نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، نا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ تَرَكَ كَنْزًا مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يَتْبَعُهُ وَيَقُولُ: وَيْلَكَ مَا أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ الَّذِي تَرَكْتَهُ بَعْدَكَ فَلا يَزَالُ يَتْبَعُهُ حَتَّى يُلْقِمَهُ يَدَهُ فَيَقْضَمُهَا، ثُمَّ يُتْبِعَهُ سَائِرَ جَسَدِهِ "
وقوله: ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ﴾ [التوبة: ٣٥] يقال: أحميت الحديدة في النار إحماء، حتى حميت حميا.
وذلك إذا أوقدت عليها، وقال ابن عباس: يحمى عليها، أي: على الكنوز، لأن المراد بالذهب والفضة الكنوز.
﴿فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ﴾ [التوبة: ٣٥] قال المفسرون: من كان له مال في الدنيا لم يؤد زكاته أحمى على دراهمه ودنانيره في نار


الصفحة التالية
Icon