ابن أبي سرح لعمر بن الخطاب، وطلب أن يرضى عنه، فقال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ﴾ [التوبة: ٩٦] بحلفهم، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٩٦] قال ابن عباس: يريد الذين ألسنتهم مخالفة لما في قلوبهم.
﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {٩٧﴾ وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿٩٨﴾ وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٩٩﴾ } [التوبة: ٩٧-٩٩] قوله: ﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾ [التوبة: ٩٧] قال ابن عباس: نزلت في أعاريب أسد، وغطفان، وأعراب من حول المدينة.
أخبر الله أن كفرهم ونفاقهم أشد من كفر أهل المدينة لأنهم أقسى وأجفى من أهل الحضر، وَأَجْدَرُ وأولى، ﴿أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ [التوبة: ٩٧] يعني: الحلال والحرام والفرائض، وَالله عَلِيمٌ بما في قلوب خلقه، حَكِيمٌ فيما يفرض من فرائضه.
قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ﴾ [التوبة: ٩٨] في الجهاد، مَغْرَمًا لأنه لا يرجو له ثوابا، ﴿وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ﴾ [التوبة: ٩٨] ينتظر أن تنقلب الأمور عليكم بموت أو قتل، ﴿عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ [التوبة: ٩٨] يدور عليهم البلاء والحزن فلا يرون في محمد ودينه إلا ما يسوءهم، والسوء بالفتح: الرداءة والفساد، وبالضم: الضرر والمكروه، وَالله سَمِيعٌ لقولهم، عَلِيمٌ بنياتهم.
قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ [التوبة: ٩٩] قال ابن عباس: يعني: من أسلم من أعراب أسد، وجهينة، وغفار.
﴿وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٩٩] يتقرب بإنفاقه إلى الله، وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ يعني: دعاءه بالخير والبركة، قال عطاء: يرغبون في دعاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ﴿أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٩٩] قال ابن عباس: يريد: نور لهم ومكرمة عند الله.
يعني صلوات الرسول، والقربة: ما يدني من رحمة الله، وقرأ نافع بضم الراء وهو الأصل، ثم خفف كالكتب والرسل، ولا يجوز أن يكون الأصل التخفيف، ثم يثقل، ﴿سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ﴾ [التوبة: ٩٩] في جنته، ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾ [التوبة: ٩٩] لذنوبهم، ﴿رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ٩٩] بأوليائه وأهل طاعته.
﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: ١٠٠] قوله: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ﴾ [التوبة: ١٠٠] قال أبو موسى، وسعيد بن المسيب، وقتادة، وابن


الصفحة التالية
Icon