وجه الله في قول أبي بكر الصديق، وأبي موسى الأشعري، وحذيفة، وابن عباس، وقتادة، والضحاك، والسدي، ونحو ذلك فسرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح الذي
٤٣٩ - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَافِظُ، نا أَبُو يَعْلَى، وَعَبْدَانُ الْجَوَالِيقِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، قَالَ أَبُو يَعْلَى: وحَدَّثَنَا حَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦]، قَالَ: " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ نَادَ مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ فَيَقُولُونَ: مَا هُوَ؟ أَلَمْ تُثَقِّلْ مَوَازِينَنَا؟ وَتُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَتُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّينَا مِنَ النَّارِ، فَيُكْشَفُ لَهُمُ الْحِجَابُ فَيَنْظُرُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَا مِنْ شَيْءٍ أُعْطَوْهُ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَهُوَ الزِّيَادَةُ ".
هَذَا حَدِيثُ هُدْبَةَ، وَفِي حَدِيثِ حَوْثَرَةَ، قَالَ: الْحُسْنَى: الْجَنَّةُ، وَالزِّيَادَةُ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ
﴿وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ﴾ [يونس: ٢٦] بعد نظرهم إليه عز وجل.
قال حوثرة في أثر هذا الحديث: كنا نسمع حمادا يحدث بهذه الأحاديث على رءوس الناس فلا ينكرونها حتى جاء قوم يزعمون أن الله عز وجل لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة وكذبوا.
رواه مسلم، عن هدبة بن خالد.
وقوله: ﴿وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ﴾ [يونس: ٢٦] أي: لا يغشاها، يقال: رهقه ما يكره.
أي: غشيه ومصدره الرهق، قال ابن عباس: ولا يصيب وجوههم قتر يعني: سواد الوجوه من الكآبة.
قال عطاء: يريد دخان جهنم.
وَلا ذِلَّةٌ كما تصيب أهل جهنم.
قوله: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ﴾ [يونس: ٢٧] قال ابن عباس: عملوا الشرك.
﴿جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾ [يونس: ٢٧] قال الفراء: فلهم جزاء السيئة بمثلها.
والمعنى: أنهم يجزون بمثل ما عملوا، وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ يصيبهم الذل والخزي والهوان، ﴿مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾ [يونس: ٢٧] ما لهم من عذاب الله من مانع يمنعهم، كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ ألبست، ﴿وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ﴾ [يونس: ٢٧] طائفة من الليل وبعضا منه، مُظْلِمًا قال الفراء، والزجاج: هو نعت لقوله قطعا، والمعنى: وصف وجوههم بالسواد حتى كأنها ألبست سوادا من الليل، ومن قرأ: قطَعا مفتوحة الطاء فهي جمع قطعة، ومظلما على هذه القراءة حال من الليل، المعنى: أغشيت وجوههم قطعا من الليل في حال ظلمته.


الصفحة التالية
Icon