٤٤٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَافِظُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَيُّوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، نا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ وَنَحْنُ نَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ عَارَضَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ فِي النَّجْوَى؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " يُدْنِي الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَضَعَ كَتِفَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ هَلْ تَعْرِفُ؟ فَيَقُولُ: رَبِّ أَعْرِفُ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُ؟ فَيَقُولُ: رَبِّ أَعْرِفُ، فَيَسْأَلُهُ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَسْأَلَهُ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، ثُمَّ يُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ بِيَمِينِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوِ الْكُفَّارُ فُيَنَادَى عَلَى رُءُوسِ الأَشْهَادِ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ".
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ سُوَيْدٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ، كِلاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ
قوله: ﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [هود: ١٩] تقدم تفسيره.
﴿أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ﴾ [هود: ٢٠] قال ابن عباس: لم يعجزوني أن آمر الأرض فتخسف بهم.
﴿وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾ [هود: ٢٠] أي: لا ولي لهم ممن يعبدون يمنعهم مني ﴿يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ﴾ [هود: ٢٠] قال ابن الأنباري: لإضلالهم الأتباع واقتداء غيرهم بهم.
﴿مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ﴾ [هود: ٢٠] قال قتادة: لأنهم صم عن الحق عمي فلا يبصرون ولا يهتدون.
وقال الوالبي، عن ابن عباس: حال الله بين أهل الكفر وبين أهل الطاعة في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا ففي قوله: ﴿مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ﴾ [هود: ٢٠]، وأما في الآخرة ففي قوله: ﴿وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ﴾ [القلم: ٤٢].
قوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [هود: ٢١] قال ابن عباس: أي: صاروا إلى النار.
﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [هود: ٢١] بطل افتراؤهم في الدنيا فلم ينفعهم في الآخرة شيئا، ﴿لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ﴾ [هود: ٢٢] قال ابن عباس: يريد حقا أنهم هم الأخسرون.
قال الفراء: لا جرم كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا بد، ولا محالة، فكثر استعمالها حتى صارت بمنزلة حقا، ألا ترى أن العرب تقول: لا جرم لآتينك.
فتراها بمنزلة اليمين؟ كذلك فسرها المفسرون في قوله: ﴿لا جَرَمَ أَنَّهُمْ﴾ [هود: ٢٢] حقا أنهم، وقال الزجاج: لا جرم لا: نفي لما ظنوا أنه ينفعهم كأنه قال: لا ينفعهم ذلك.
و ﴿جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ﴾ [هود: ٢٢]، أي: كسب ذلك الفعل لهم الخسران، وجرم معناه: كسب، ذكرنا ذلك في قوله: لا يجرمنكم قال الأزهري: وهذا من أحسن ما قيل فيه.
وقوله: ﴿وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ﴾ [هود: ٢٣] الإخبات: الخشوع والتواضع والطمأنينة، قال مجاهد: اطمأنوا.
قال قتادة: وأنابوا إلى ربهم.
وهذه الآية نازلة في أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما


الصفحة التالية
Icon