الْجَاهِلِينَ ﴿٤٦﴾ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٤٧﴾ قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٤٨﴾ } [هود: ٤٤-٤٨] وَقِيلَ بعد ما تناهى أمر الطوفان ﴿يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ﴾ [هود: ٤٤] اشربي ما فوقك من الماء، يقال: بلعت الماء أبلعه بلعا.
﴿وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي﴾ [هود: ٤٤] أي: عن إنزال الماء، يقال: أقلعت السماء بعد ما أمطرت.
إذا أمسكت، ﴿وَغِيضَ الْمَاءُ﴾ [هود: ٤٤] أي: نقص، يقال: غاض الماء يغيض غيضا.
إذا نقص، وغضته أنا.
﴿وَقُضِيَ الأَمْرُ﴾ [هود: ٤٤] أهلك قوم نوح وفرغ من هلاكهم وَاسْتَوَتْ يعني السفينة ﴿عَلَى الْجُودِيِّ﴾ [هود: ٤٤] هو جبل بالجزيرة، وكان استواؤها دلالة على نفاد الماء.
٤٥١ - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْوَاعِظُ، أنا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّازِيُّ، أنا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ، نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ عِلْبَاءِ بْنِ أَحْمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ مَعَ نُوحٍ ثَمَانُونَ رَجُلا مَعَهُمْ أَهْلُوهُمْ وَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي السَّفِينَةِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا، وَإِنَّ اللَّهَ وَجَّهَ السَّفِينَةَ إِلَى مَكَّةَ فَدَارَتْ بِالْبَيْتِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ وَجَّهَهَا اللَّهُ إِلَى الْجُودِيِّ فَاسْتَقَرَّتْ، فَبَعَثَ نُوحٌ الْغُرَابَ لِيَأْتِيَهُ بِخَبَرِ الأَرْضِ فَذَهَبَ فَوَقَعَ عَلَى الْجِيَفِ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَبَعَثَ الْحَمَامَةَ، فَأَتَتْهُ بِوَرَقِ الزَّيْتُونِ وَلَطَّخَتْ رِجْلَيْهَا بِالطِّينِ فَعَرَفَ نُوحٌ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ نَضَبَ، فَهَبَطَ إِلَى أَسْفلِ الْجُودِيِّ فَابْتَنَى قَرْيَةً وَأَسْمَاهَا ثَمَانِينَ، وَيُرْوَى أَنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلامُ رَكِبَ السَّفِينَةَ فِي رَجَبٍ فَجَرَتْ بِهِمْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَمَرَّتْ بِالْبَيْتِ فَطَافَتْ بِهِ سَبْعًا، وَقَدْ رَفَعَهُ اللَّهُ مِنَ الْغَرَقِ وَأُرْسِيَتْ عَلَى الْجُودِيِّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَصَامَ نُوحٌ وَأَمَرَ جَمِيعَ مَنْ مَعَهُ فَصَامُوا شُكْرًا لِلَّهِ.
﴿وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [هود: ٤٤] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بُعْدًا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ لِلْقَوْمِ الْمُتَّخِذِينَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا
قوله: ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي﴾ [هود: ٤٥] قال عكرمة، عن ابن عباس: إنه لابنُه ولكنه خالفه في النية والعمل.
ونحو هذا قال الكلبي، ومحمد بن إسحاق، ومقاتل، قالوا: هو ابنه من صلبه، وقال قوم: إن هذا الذي خالف نوحا كان ابن امرأته، ولكم يكن من صلبه.
وهو قول علي، وأبي جعفر الباقر، ومجاهد، والحسن.
قوله: ﴿وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ﴾ [هود: ٤٥] يعني: وعدتني أن تنجيني وأهلي، وفي هذا سؤال النجاة لابنه، ﴿وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ﴾ [هود: ٤٥] قال ابن عباس: أعدل العادلين.
﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ [هود: ٤٦] أي: ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك،