إبراهيم قد ولد له من هاجر إسماعيل وكبر وشب فتمنت سارة أن يكون لها ابن وأيست من ذلك لكبر سنها، فبشرت على كبر السن بولد يكون نبيا ويلد نبيا.
وهو قوله: ﴿وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾ [هود: ٧١] قال الزجاج: بشروها بأنها تلد إسحاق وأنها ستعيش إلى أن ترى ولد ولده.
ووراء ههنا بمعنى بعد، قال ابن عباس، ومقاتل: ومن بعد إسحاق يعقوب، ويعقوب رفع لأنه ابتداء مؤخر معناه التقديم، المعنى: ويعقوب يحدث لها من وراء إسحاق، ومن نصب يعقوب نصبه بفعل يشاكل معناه معنى التبشير على تقدير: من وراء إسحاق وهبنا لها يعقوب، كما تقول العرب: مررت بأخيك وأباك.
يريدون بمررت: جزت كأنه قيل: جزت أخاك وأباك كما قال رؤبة:
يهوين في نجد وغورا غائرا
أراد يدخلن نجدا، قوله: ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَا﴾ [هود: ٧٢] الأصل: يا ويلتي، فأبدل من الياء الألف لأنه أخف من الياء والكسرة، وهذه الكلمة إنما تقال عند الإيذان بورود الأمر العظيم الفظيع، وقوله: ﴿أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ﴾ [هود: ٧٢] استفهام تعجب، قال محمد بن إسحاق: كانت ابنة تسعين سنة وكان زوجها ابن عشرين ومائة سنة.
وهو قوله: ﴿وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا﴾ [هود: ٧٢] الذي تذكرونه من أمر الولد بيننا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ معجب، قَالُوا لها ﴿أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [هود: ٧٣] من قضاء الله وقدرته؟ ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ﴾ [هود: ٧٣] يحتمل أن يكون هذا من دعاء الملائكة لهم بالرحمة والبركة، ويحتمل أن يكون ذلك إخبارا عن ثبوت ذلك لهم، وقوله: أَهْلَ الْبَيْتِ يعني: بيت إبراهيم عليه السلام، ومن تلك البركات أن الأسباط وجميع الأنبياء كانوا من إبراهيم وسارة، إِنَّهُ حَمِيدٌ تحمد فعاله، وهو بمعنى المحمود مَجِيدٌ المجيد الماجد، وهو ذو الشرف والمجد والكرم.
قوله: ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ﴾ [هود: ٧٤] يعني: الفزع الذي أصابه لما لم يأكلوا العجل وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى بإسحاق ويعقوب ﴿يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ [هود: ٧٤] أي: أقبل وأخذ يجادل رسلنا من الملائكة، قال المفسرون: إن الرسل لما قالوا لإبراهيم: إنا مهلكو أهل هذه القرية، قال: أرأيتم إن كان فيها خمسون من المسلمين أتهلكونهم؟ قالوا: لا.
قال: فأربعون؟ قالوا: لا.
فما زال ينقص، ويقولون: لا.
حتى قال: فواحد؟ قالوا: لا.
فاحتج عليهم بلوط فقال: ﴿إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ﴾ [العنكبوت: ٣٢] فهذا معنى جدال إبراهيم في قوم لوط، وما بعد هذا مفسر في ﴿ [التوبة، قالت الرسل عند ذلك.
] يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾
[سورة هود: ٧٦] الجدال ﴿إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ [هود: ٧٦] بعذابهم ﴿وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾ [هود: ٧٦] أي: لا يرد عنهم ما يأتيهم من العذاب لأن الله تعالى قد قضى بذلك.
قوله: ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ {٧٧﴾ وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي


الصفحة التالية
Icon