تغيب المدفون، والجب: الركية التي لم تطو، قال الحسن: غيابة الجب قعر الجب.
وقال قتادة: أسفل الجب.
والمعنى: اطرحوه في موضع مظلم من البئر لا يلحقه نظر الناظرين، وقرأ أهل المدينة غيابات الجب بالجمع على معنى أن للجب أقطارا ونواحي ويكون فيه غيابات، فآثروا الجمع لذلك، واختلفوا في هذا الجب فقال قتادة: في بئر بيت المقدس.
وقال وهب: هو بأرض الأردن.
وقال مقاتل: هو على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب.
قوله: ﴿يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ﴾ [يوسف: ١٠] يعني: مارة الطريق، وهم الجماعة الذين يسيرون في الطريق للسفر، وقوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾ [يوسف: ١٠] قال ابن عباس: يريد: إن أضمرتم ما تريدون ولما عزموا على الكيد بيوسف.
﴿قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ {١١﴾ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿١٢﴾ قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ﴿١٣﴾ قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ ﴿١٤﴾ } [يوسف: ١١-١٤] قَالُوا لأبيهم ﴿مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ﴾ [يوسف: ١١] أنكروا عليه خوفه إياهم على يوسف، فقالوا: لم لا تأمننا عليه فترسله معنا؟ ﴿وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ﴾ [يوسف: ١١] قال ابن عباس: يريد الرحمة والبر.
والمعنى: وإنا طالبون ما يعود إلى مصلحة أمره، ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا﴾ [يوسف: ١٢] أي: إلى الصحراء نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ قال الكلبي: نذهب ونجيء وننشط ونلهو، ومن قرأ بكسر العين هو افتعال من الرعاية بمعنى الحفظ يعني بعضنا بعضا، ومن قرأ بجزم العين فهو من قولهم: رتع الماء.
إذا أرعى ما شاء، وأرتعتها أنا.
وقوله: ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [يوسف: ١٢] قال ابن عباس: أي: من كل ما تخافه عليه.
﴿قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ﴾ [يوسف: ١٣] أي: يحزنني ذهابكم به لأنه يفارقني فلا أراه ﴿وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ﴾ [يوسف: ١٣] قال المفسرون: إن يعقوب رأى في المنام ذئبا عدا على يوسف فكان حذرا عليه خائفا من تناول الذئب إياه لرؤياه التي رآها.
وقال آخرون: إنما خاف عليه الذئب لأن أرضهم كانت مذئبة.
وقوله: ﴿وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ﴾ [يوسف: ١٣] أي: مشتغلون برعيتكم، ﴿قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ﴾ [يوسف: ١٤] أي: إن أكله الذئب ونحن جماعة نرى الذئب قد قصده فلا نرده عنه إنا إذا لعاجزون، فمعنى الخسران ههنا: العجز.