الأَرْضِ} [يوسف: ٢١] يعني: وكما أنجيناه من إخوته حين هموا بإهلاكه، وأخرجناه من ظلمة البئر، مكنا له في الأرض، ملكناه في أرض مصر حتى بلغ ﴿وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ﴾ [يوسف: ٢١] تقدم تفسيره ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ [يوسف: ٢١] قال ابن عباس: على ما أراد من قضائه، أي: لا يغلبه على أمره غالب، ولا يبطل إرادته منازع فهو قادر على أمره من غير مانع ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٢١] ذلك وهم المشركون والذين لا يعلمون أن قدر الله غالب، وأن مشيئته نافذة.
قوله: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ [يوسف: ٢٢] العرب تقول: بلغ فلان أشده.
إذا بلغ منتهاه في شبابه وقوته، قال أكثر المفسرين: ثلاثا وثلاثين سنة.
وقال عطاء: يريد الحلم.
وقال الضحاك: عشرين سنة.
﴿آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ [يوسف: ٢٢] عقلا وفهما، وقال الكلبي: الحكم النبوة والعلم علم الدين.
وقال الزجاج: جعلناه حكيما عالما.
وليس كل عالم حكيما، والحكيم: العالم المستعمل علمه الممتنع من استعمال ما يجهل فيه وَكَذَلِكَ ومثل ما وصفنا من تعليم يوسف كذلك نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ قال الضحاك: يعني الصابرين على النوائب كما صبر يوسف.
﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ {٢٣﴾ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴿٢٤﴾ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٢٥﴾ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٢٦﴾ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٢٧﴾ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴿٢٨﴾ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ﴿٢٩﴾ } [يوسف: ٢٣-٢٩] قوله: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ﴾ [يوسف: ٢٣] يعني امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتها، طلبت منه أن يواقعها، والمراودة: المطالبة بأمر للعمل به، قال الزجاج: طالبته بما تريد النساء من الرجال.
وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ قال المفسرون: غلقت سبعة أبواب ثم دعته إلى نفسها ﴿وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ﴾ [يوسف: ٢٣] معناه في