وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} [يوسف: ٣٠] قال ابن عباس: يريد نسوة من أشراف النساء، وأراد بالنسوة الجمع لذلك ذكر فعلهن حملا على المعنى، وإذا أنث حمل على اللفظ، وقوله: امْرَأَةُ الْعَزِيزِ يعني: زليخا، والعزيز بلغتهم: الملك تُرَاوِدُ فَتَاهَا غلامها ﴿عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ [يوسف: ٣٠] قال ابن عباس: قد دخل حبه شغاف قلبها.
وهو موضع الدم الذي يكون داخل القلب، وقال الزجاج: الشغاف حبة القلب وسويداء القلب.
﴿إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ﴾ [يوسف: ٣٠] عن طريق الرشد بحبها إياه مُبِينٍ ظاهر.
فَلَمَّا سَمِعَتْ زليخا بِمَكْرِهِنَّ قال ابن إسحاق: يعني: كيدهن وذلك أنهن إنما قلن ذلك مكرا بها لتريهن يوسف، لما كان بلغهن من حسنه وجماله، اتخذت مأدبة فدعت أربعين امرأة منهن هؤلاء اللاتي عيرنها، فذلك قوله: ﴿أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ﴾ [يوسف: ٣١] وهيأت لَهُنَّ مُتَّكَأً مجلسا للطعام وما يتكئن عليه من النمارق والوسائد، وقال ابن عباس في رواية عطاء، ومجاهد: هو الأترج.
وقال جماعة من المفسرين: يعني طعاما يحز بالسكين.
وقال الأزهري: وقيل للطعام متكأ لأن القوم إذا قعدوا على الطعام اتكأوا، ونهيت هذه الأمة عن ذلك.
وقوله: ﴿وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا﴾ [يوسف: ٣١] قال السدي: أعطيت كل واحدة منهن أترجة وسكينا وأمرت يوسف بالبروز لهن، ليرينه فيعذرنها في حبها إياه، وهو قوله: ﴿وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾ [يوسف: ٣١] أعظمنه، وهالهن أمره، وبهتن بالنظر إليه وذهب عقولهن، وجعلن يقطعن أيديهن بالسكاكين تعجبا من حسنه وجماله، وهو قوله: وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ قال قتادة: أبنَّ أيديهن.
وقال مجاهد: لم يحسسن إلا بالدم، ولم يجدن الألم لشغل قلوبهن بيوسف.
﴿وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ﴾ [يوسف: ٣١] حاش وحاشا يستعملان في الاستثناء والتبرئة، والأصل حاشا لأنه من فاعل المحاشاة، يقال: حاشى يحاشي.
والحشاء: الناحية، ومعنى حاش لله صار يوسف في حشا أي: في ناحية مما قذف به أي: لم يلابسه، كأن المعنى: بعد يوسف عن هذا الذي رمي به، أي: لخوفه ومراقبته أمره، وهذا قول أكثر المفسرين، قالوا: هذا تنزيه ليوسف عما رمته به امرأة العزيز.
وقال آخرون: هذا تنزيه له من تهمة البشر، لفرط جماله، يدل على هذا سياق الآية.
ومن قرأ حاش بغير ألف