أحسن ما رأيت: أما الأغصان الثلاثة، فثلاثة أيام يوجه إليك الملك عند انقضائهن فيردك إلى عملك فتعود كأحسن ما كنت فيه.
وقال للخباز لما قص عليه: بئس ما رأيت: السلال الثلاث ثلاثة أيام يوجه إليك الملك عند انقضائهن فيقتلك ويصلبك وتأكل الطير من رأسك.
فقالا: ما رأينا شيئا.
قال: ﴿قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١] أي: فرغ منه، سيقع بكما ما عبرت لكما صدقتما أو كذبتما، وإنما حلم يوسف بوقوع الأمر بهما من قبل، وحي أتاه من الله تعالى.
﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا﴾ [يوسف: ٤٢] أي: أيقن وعلم، وهو الساقي ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢] أي: عند الملك صاحبك، وقل له: إن في السجن غلاما محبوسا ظلما ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ [يوسف: ٤٢] قال مجاهد: أنسى الشيطان يوسف الاستعانة بربه، وأوقع في قلبه الاستغاثة بالملك، فعوقب بأن لبث في السجن بضع سنين.
وهذا قول ابن عباس، واختيار الزجاج وذهب القوم إلى أن الكناية راجعة إلى الساقي على معنى: أنسى الشيطان الساقي أن يذكر يوسف لربه ﴿فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ [يوسف: ٤٢] قال الأصمعي: البضع ما بين الثلاث إلى التسع، وعامة المفسرين على أن المراد بالبضع ههنا سبع سنين، وقالوا: عاقب الله يوسف بأن حبس سبع سنين بعد الخمس التي حبسها إلى وقت قوله: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: ٤٢]، قال ابن عباس: لما تضرع يوسف إلى مخلوق وكان قد اقترب خروجه أنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين.
٤٧٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ سُفْيَانَ، نا زُهَيْرُ بْنُ سَلامٍ، نا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ لَمْ يَقُلْ يُوسُفُ الْكَلِمَةَ الَّتِي قَالَ مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ، حَيْثُ يَبْتَغِي الْمَخْرَجَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ»
وروى الحسن، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «رحم الله يوسف لولا كلمته ما لبث في السجن طول ما لبث».
قال: ثم يبكي الحسن ويقول: نحن إذا نزل بنا أمر فزعنا إلى الناس، ويروى أن جبريل دخل على يوسف السجن، فلما رآه يوسف عرفه، فقال له يوسف: يا أخا المنذرين، ما لي أراك بين الخاطئين، فقال له جبريل: يا طاهر الطاهرين، يقرأ عليك السلام ربُّ العالمين ويقول لك: أما استحييت مني إذ استشفعت بالآدميين؟ فبعزتي لألبثنك في السجن بضع سنين.
قال


الصفحة التالية
Icon