خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَطَرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ جَاءَنِي الدَّاعِي لأَجَبْتُ»
قال الزجاج: ولم يفرد يوسف امرأة العزيز لحسن عشرة منه وأدب، فخلطها بالنسوة، وقوله: ﴿إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٥٠] أي: أنه عالم بذلك وقادر على إظهار براءتي، قال المفسرون: فرجع الرسول إلى الملك برسالة يوسف، فدعا الملك النسوة وفيهن امرأة العزيز، فقال: ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ {٥١﴾ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ﴿٥٢﴾ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٥٣﴾ } [يوسف: ٥١-٥٣] مَا خَطْبُكُنَّ ما شأنكن وقصتكن ﴿إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [يوسف: ٥١] قال ابن الأنباري: جمعهن في السؤال ليعلم عين المراودة.
﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾ [يوسف: ٥١] من زنا، أعلمنه براءة يوسف من الزنا، فقالت ﴿امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [يوسف: ٥١] أي: ظهر وتبين ووضح وانكشف، قال الفراء: لما دعا النسوة فبرأنه، قالت: لم يبق إلا أن يقبل علي بالتقرير.
فأقرت.
فذلك قولها: ﴿الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [يوسف: ٥١] في قوله ﴿هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ [يوسف: ٢٦] فقال يوسف ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ [يوسف: ٥٢] يقول: ذلك الذي فعلت من ردي رسول الملك إليه في شأن النسوة ليعلم العزيز أني لم أخنه في زوجته بالغيب ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ [يوسف: ٥٢] لا يرشد كيد من خان أمانته، يعني: أنه يتضح في العاقبة بحرمان الهداية، ولما قال يوسف: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ [يوسف: ٥٢] قال له جبريل عليه السلام: ولا حين هممت بها يا يوسف؟ فقال يوسف: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي﴾ [يوسف: ٥٣] قال ابن عباس: وما أزكي نفسي، خاف على نفسه التزكية، وتزكية النفس مما يذم وينهى عنه.
﴿إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ [يوسف: ٥٣] بالقبيح وما لا يحب الله، وذلك لكثرة ما تشتهيه وتنازع إليه ﴿إِلا مَا رَحِمَ﴾ [يوسف: ٥٣] أي: من رحم رَبِّيَ فعصمه مما تدعوه إليه نفسه من القبيح، وما: يقع بمعنى مَن، قوله: ﴿مَا طَابَ لَكُمْ﴾ [النساء: ٣]، ولما تبين للملك عذر يوسف، وعرف أمانته وكفايته وعلمه وعقله قال: {


الصفحة التالية
Icon