مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿٦٣﴾ قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴿٦٤﴾ } [يوسف: ٥٨-٦٤] ﴿وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ [يوسف: ٥٨] قال ابن عباس: كان بين أن قذفوه في الجب وبين أن دخلوا عليه أربعون سنة فلذلك أنكروه.
وقال الكلبي: إنه كان متزينا بزي فرعون مصر، عليه ثياب حرير، جالسا على حرير في، عنقه طوق من ذهب، وعلى رأسه تاج فلذلك لم يعرفوه.
وقال عطاء: لم يثبتوه وعليه تاج الملك وحجاب الملك، وعلى هذا إنما لم يعرفوه لأنهم رأوه من وراء ستر.
وقال السدي: لما نظر إليهم يوسف قال لهم: أخبروني ما أمركم؟ قالوا: نحن قوم من أرض الشام جئنا نمتار طعاما.
قال: كم أنتم؟ قالوا: عشرة.
قال: أخبروني خبركم.
قالوا: إنا إخوة بنو رجل صديق وإنا كنا اثنى عشر، فذهب أخ لنا معنا إلى البرية فهلك فيها، وكان أحبنا إلى أبينا.
قال: فإلى من سكن أبوكم بعده؟ قالوا: إلى أخ لنا أصغر منه.
فذلك قوله: ﴿وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ﴾ [يوسف: ٥٩] يقال: جهزت القوم تجهيزا.
إذا هيأت لهم جهازهم للسفر وما يحتاجون إليه، قال المفسرون: حمل لكل رجل منهم بعيرا.
﴿أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ﴾ [يوسف: ٥٩] أتمه ولا أبخسه ﴿وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾ [يوسف: ٥٩] خير المضيفين، قال الزجاج: لأنه حين أنزلهم أحسن ضيافتهم، ثم أوعدهم على ترك الإتيان بالأخ بمنع الطعام، وهو قوله: ﴿فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ﴾ [يوسف: ٦٠] لا تقربوا بابي ولا بلادي.
﴿قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ﴾ [يوسف: ٦١] نطلب منه ونسأله أن يرسله معنا وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ لضامنون لك المجيء به.
وَقَالَ يوسف لفتيته، قال ابن عباس: لغلمانه.
وقرئ لفتيانه، قال الزجاج: الفتيان والفتية في هذا الموضع المماليك ﴿اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ﴾ [يوسف: ٦٢] وقال عطاء: يريد: الدراهم والدنانير التي جاءوا بها.
في رحالهم في أوعيتهم، والرحل: كل شيء معد للرحيل من وعاء للمتاع ومركب للبعير وحلس ورسن، وقال الضحاك، عن ابن عباس: كانت بضاعتهم النعال والأدم، وإنما أمر يوسف بوضع بضاعتهم في رحالهم لأنهم متى فتحوا أوعيتهم فوجدوا بضاعتهم علموا كرم يوسف وسخاءه فيبعثهم على العود إليه، وقال الكلبي: لخوف ألا يكون عند أبيه من الورق ما يرجعون به مرة أخرى.
وقيل: رأى لو ما أخذه ثمن الطعام من أبيه وإخوته مع حاجتهم إلى الطعام.
وقال الفراء: لأنهم إذا رأوا بضاعتهم في رحالهم ردوها على يوسف ولم يستحلوا إمساكها ويرجعون.
وذلك قوله: لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا لكي يعرفوا بضاعتهم إِذَا انْقَلَبُوا انصرفوا ﴿إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [يوسف: ٦٢] لكي يرجعوا إلينا ﴿فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا﴾ [يوسف: ٦٣] إنا قدمنا على خير رجل أنزلنا وأكرمنا كرامة لو كان رجلا من ولد يعقوب ما أكرمنا كرامته.
وقالوا: ﴿مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ﴾ [يوسف: ٦٣] أي: فيما يستقبل إن لم نأته بأخينا لقوله: {