وأفضلهم.
ارْجِعُوا أنتم ﴿إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ﴾ [يوسف: ٨١] بنيامين سَرَقَ صواع الملك وَمَا شَهِدْنَا بأنه سرق ﴿إِلا بِمَا عَلِمْنَا﴾ [يوسف: ٨١] لأنه وجد المسروق في رحله ونحن ننظر ﴿وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ﴾ [يوسف: ٨١] قال ابن عباس: لم نعلم ما كان يصنع في ليله ونهاره.
والمعنى: ما كنا لغيب ابنك حافظين، أي: إنا كنا نحفظه في محضره فإذا غاب عنا ذهب عن حفظنا، وقال مجاهد، وقتادة، والحسن: ما كنا نشعر أن ابنك سيسرق ويصير الأمر إلى هذا، ولو علمنا ذلك ما ذهبنا به، وقال ابن إسحاق: معناه: قد أخذت السرقة من رحله ونحن ننظر، ولا علم لنا بالغيب فلعلهم سرقوه.
قوله: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا﴾ [يوسف: ٨٢] أي: قولوا لأبيكم سل أهل القرية ليتبين لك صدقنا ﴿وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾ [يوسف: ٨٢] يعني: أهل الرفقة التي كنا فيها، وهم الذين امتاروا معهم، وكان قد صحبهم قوم من الكنعانيين وَإِنَّا لَصَادِقُونَ فيما قلنا ثم رجعوا إلى يعقوب، وقالوا ما لقنهم كبيرهم فقال يعقوب: ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {٨٣﴾ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴿٨٤﴾ قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ﴿٨٥﴾ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ﴿٨٦﴾ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴿٨٧﴾ } [يوسف: ٨٣-٨٧] ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ [يوسف: ٨٣] قال ابن الأنباري: يعني خروجهم بأخيهم بنيامين إلى مصر رجاء منفعة فعاد من ذلك شر وضرر.
وقال غيره: معنى قوله ههنا: ﴿سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ [يوسف: ٨٣] خيلت لكم أنفسكم أنه سرق، وما سرق.
أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد العدل، أنا محمد بن عبد الله الضبي، أنا أبو بكر بن أبي نصر الداربردي، نا محمد بن إبراهيم بن سعيد، نا سليمان بن منصور بن عمار، حدثني أبي، نا يوسف بن صباح الفزاري، عن عبد الله بن يونس بن أبي فروة، قال: لما كان من الإخوة ما كان كتب يعقوب إلى يوسف وهو لا يعلم أنه يوسف بن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله، أما بعد: فإنا أهل بيت موكل بالبلاء، أما جدي فشدت يداه ورجلاه وألقي في النار فجعلها الله بردا وسلاما، وأما أبي فشدت يداه ورجلاه ووضع السكين على قفاه ليذبح ففداه الله، وأما أنا فكان لي ابن وكان أحب أولادي إلي فذهب به إخوته إلى البرية، ثم أتوني بقميصه ملطخا بالدم وقالوا: قد أكله الذئب فذهبت