وقال حبيب بن أبي ثابت: إن يعقوب كبر وضعف حتى سقط حاجباه على عينيه، فكان يرفعهما بخرقة، فقال له بعض جيرانه: قد انهشمت وفنيت ولم تبلغ من السن ما بلغ أبوك فما بلغ بك ما أرى؟ قال: طول الزمان وكثرة الأحزان.
فأوحى الله إليه: يا يعقوب، تشكوني إلى خلقي؟ فقال: يا رب خطيئة أخطأتها فاغفرها لي.
قال: غفرت لك.
فكان بعد ذلك إذا سئل قال: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ [يوسف: ٨٦].
وقال وهب بن منبه: أوحى الله إلى يعقوب أتدري لما عاقبت وحبست يوسف ثمانين سنة؟ قال: لا.
قال: لأنك شويت وقترت على جارك وأكلت ولم تطعمه.
ويقال: إن سبب ابتلاء يعقوب أنه كانت له بقرة ولها عجل فذبح عجلها بين يديها وهي تخور، فلم يرحمها يعقوب فأخذه الله به وابتلاه بأعز ولده، والبث أشد الحزن وهو ما يبديه الإنسان ويظهره لأنه إذا اشتد لم يصبر على كتمانه حتى يبثه، من قولهم: بث الحديث.
إذا نشره.
وقوله: ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٨٦] أنتم، قال الكلبي: وذلك أن ملك الموت أتاه فقال له: يا ملك الموت هل قبضت روح ابني يوسف فيما قبضت من الأرواح؟ قال: لا يا نبي الله.
وقال ابن عباس: وأعلم أن رؤيا يوسف صادقة وأني وأنتم سنسجد له.
وقال عطاء: وأعلم من رحمة الله وقدرته ما لا تعلمون.
قال السدي: لما أخبر يعقوب بنوه بسيرة ملك مصر طمع أن يكون يوسف فلذلك قال لبنيه ﴿اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾ [يوسف: ٨٧].
قال أبو عبيد: تحسست الخبر: بحثته وطلبته لأجده.
وقال ابن عباس: ابحثوا عن يوسف.
﴿وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ [يوسف: ٨٧] قال الأصمعي: الروح الاستراحة من غم القلب.
وقال أبو عمرو: الروح الفرح.
قال ابن عباس: يريد من رحمة الله.
وهو قول قتادة، والضحاك، وقال أبو زيد: فرج الله.
والمعنى: لا تيئسوا من الروح الذي يأتي به الله ﴿إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: ٨٧] قال ابن عباس: يريد: أن المؤمن من الله على خير يرجوه في الشدائد، ويشكره ويحمده في الرخاء، وأن الكافر ليس كذلك، قال المفسرون: لما قال أبوهم اذهبوا فتحسسوا من يوسف فخرجوا إلى مصر، {