يعقوب، قال: إني جئته بالقميص ملطخا بالدم فأعطني اليوم قميصك لأخبره أنك حي فأفرحه كما أحزنته، فحمل القميص وخرج حاسرا حافيا يعدو، وكان معه سبعة أرغفة لم يستوف أكلها حتى بلغ كنعان، وكانت المسافة ثمانين فرسخا، فلما أتى أباه ﴿أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾ [يوسف: ٩٦] قال الضحاك: رجع إليه بصره بعد العمى، وقوته بعد الضعف، وشبابه بعد الهرم، وسروره بعد الحزن.
وقال ابن عباس: في قوله فارتد بصيرا انجلى البياض وذهبت الظلمة.
ومعنى الارتداد: انقلاب الشيء إلى حال قد كان عليها، والمعنى: عاد ورجع إلى حال البصر.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأصبهاني، أنا عبد الله بن محمد بن حيان، نا عبد الرحمن بن محمد الرازي، نا سهل العسكري، نا يحيى بن يمان، عن سفيان، قال: لما جاء البشير يعقوب قال: على أي دين تركت يوسف؟ قال: على الإسلام، قال: الآن تمت النعمة.
وقوله: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٩٦] تقدم تفسيره، ثم سألوا أباهم أن يستغفر الله لهم ما آتوا إليه من إدخال الحزن عليه، وهو قوله: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا﴾ [يوسف: ٩٧] الآية، قَالَ يعقوب ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ﴾ [يوسف: ٩٨] قال ابن عباس: أخر دعاءه إلى السحر، وهو قول ابن مسعود، وقتادة، والسدي، وقال في رواية الكلبي، وعكرمة: يقول حتى تأتي يوم الجمعة.
قال الزجاج: أراد يعقوب أن يستغفر لهم في وجه السحر في الوقت الذي هو أخلق لإجابة الدعاء، لا لأنه ضن عليهم بالاستغفار.
٤٨٠ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، نا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، نا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: لِمَ أَخَّرَ يَعْقُوبُ عَنْ بَنِيهِ الاسْتِغْفَارَ؟ قَالَ: «أَخَّرَهُمْ إِلَى السَّحَرِ لأَنَّ دُعَاءَ السَّحَرِ مُسْتَجَابٌ»
قالوا: وكان يوسف بعث مع البشير إلى يعقوب جهازا ومائتي راحلة، وسأله أن يأتيه بأهله وولده أجمعين، فتهيأ يعقوب للخروج إلى مصر، فلما دنا من مصر كلم يوسف الملك الأكبر الذي فوقه، فخرج يوسف في أربعة من الجند، وركب أهل مصر معهم يتلقون يعقوب، فلما نظر يعقوب إلى الخيل قال لابنه يهوذا: هذا فرعون مصر؟ قال: لا هذا ابنك.
فلما دنا كل واحد منهما من صاحبه قصد يوسف أن يبدأه بالسلام، فمنع من ذلك، وكان يعقوب أفضل وأحق بذلك منه، فابتدأ يعقوب بالسلام، فقال: السلام عليك يا مذهب الأحزان.
٤٨١ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّوفِيُّ الْكُوفِيُّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ


الصفحة التالية
Icon