سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " يُحْشَرُ مِنْ بَيْنِ السَّقْطِ إِلَى الشَّيْخِ الْفَانِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَبْنَاء ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً، الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ فِي خَلْقِ آدَمَ، وَقَلْبِ أَيُّوبَ، وَحُسْنِ يُوسُفَ، مُرْدًا مُكَحَّلِينَ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِالْكَافِرِ؟ قَالَ: يَعْظُمُ لِلنَّارِ حَتَّى يَصِيرَ غِلَظُ جِلْدِهِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، وَحَتَّى يَصِيرَ النَّابُ مِثْلَ أُحُدٍ "
وعن جابر بن عبد الله قال: قرأ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه الآية ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ [النساء: ٥٦] فبكى، واشتد بكاؤه، فبكينا لبكائه، فلما أفاق قال: «تبدل ليجدد عليهم العذاب».
وهو قوله: ﴿لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ٥٦] أي: هو قوي لا يغلبه شيء، وهو مع ذلك حكيم فيما دبر.
ولما ذكر ما أعد للكافرين من العذاب ذكر ثواب المؤمنين فقال: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [النساء: ٥٧] إلى قوله: ﴿وَنُدْخِلُهُمْ ظِلا ظَلِيلا﴾ [النساء: ٥٧] أي: دائما لا تنسخه الشمس، كما تنسخ ظلال الدنيا.
وقال الحسن: ظلا ظليلا: لا يدخله الحر والسمائم.
قال الزجاج: معنى ظليل: يظل من الريح والحر، وليس كل ظل كذلك، أعلم الله تعالى أن ظل الجنة ظليل لا حر فيه ولا برد.
وقال مقاتل: ظلا ظليلا يعني أكتان القصور، لا فرجة فيها ولا خلل.
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: ٥٨] قوله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٥٨] أجمع المفسرون على أن الآية نازلة في شأن مفتاح الكعبة، وذلك أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما فتح مكة طلب المفتاح، فقيل: إنه مع عثمان بن طلحة الحجبي، وكان من بني عبد الدار وكان يلي سدانة الكعبة، فوجه إليه عليا رضي الله عنه فأبى دفعه إليه، وقال: لو


الصفحة التالية
Icon